قائمة المحتوى
الدول المستثمرة في نيوم تبني حلم إسرائيل بتزعم الشرق الأوسط
نيوم – إن مبادرة نصف تريليون دولار لبناء مدينة ثلاثية على الحدود السعودية والمصرية والأردنية في خليج العقبة ستؤدي على الأرجح إلى اعتراف الرياض بإسرائيل ودمج تل أبيب في المشروع.. هذا ما جاء في مقالة نشرت في مجلة review oriental الدولية.. بهدف توضيح وفضح الوضع الراهن في المنطقة.
تقول المجلة أن الحكاية بدأت عندما قام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بكشف النقاب عن مشروع بقيمة 500 مليار دولار في منتدى استثماري عام 2017 .. وذلك في محاولة منه لإضفاء بعض الجدية على خطة النهضة الاقتصادية المسماه رؤية 2030 وهي الرؤية التي تهدف إلى بتنويع اقتصاد بلاده في العقد المقبل وهو الاقتصاد الذي يعتمد على النفط بشكل أساسي حتى الآن.
يدعو الاقتراح إلى بناء مدينة عملاقة تسمى نيوم عند مدخل خليج العقبة في الركن الشمالي الشرقي من البحر الأحمر، مع التخطيط لأن تمتد في نهاية المطاف إلى مصر والأردن المجاورتين أيضًا.
وعد ولي العهد أنها ستكون مدينة متقدمة تقنيًا بقوانينها وإدارتها الخاصة بها، وستكون أيضًا خالية من أي شيء “تقليدي” حسب وصفه.
المحللون وجدوا أن وصف (تقليدي) الذي ذكره محمد بن سلمان كان المقصود به أنه – أي محمد بن سلمان – لن يسمح بتطبيق اللوائح والقوانين الوهابية الاجتماعية والثقافية التقليدية بالمملكة داخل نيوم، وهو ما يتماشى مع بيان آخر قال فيه إن السعودية “ستعود … للإسلام المعتدل” و”ضربة قوية للإيديولوجيات المتطرفة “.
من الواضح تمامًا، أن استراتيجية المملكة العربية السعودية يتم تغييرها الآن، وأن صراع “الدولة العميقة” يتم خوضه بالفعل في البلاد بين فصائلها الملكية والدينية، حيث تستعد الأولى لتنفيذ “انقلاب ناعم” ضد الأخيرة لأنها تسعى إلى “تحديث” البلاد.
سيؤدي هذا بالتأكيد إلى حدوث بعض الاضطرابات خلف الكواليس في المستقبل القريب، إن لم يكن زعزعة الاستقرار بشكل صريح.. وهو ما يخلق مناخ غير آمن للاستثمار (دول الربيع العربي مثال).
اعتراف المملكة العربية السعودية بدولة إسرائيل
من المناسب طرح الرؤية الكاملة الآن من أجل توضيح أن المملكة العربية السعودية على وشك أن تطرح على الطاولة نموذج غير مسبوق.. فمن المرجح أن نراها تعترف بإسرائيل إذا نجحت المملكة في القضاء على التأثير السياسي لرجال الدين.
لقد اعترف شركاء نيوم المصريين والأردنيين السعوديين بإسرائيل فعلًا، ووقعوا على معاهدات السلام معها، ومن المعروف أن الرياض تنسق مع تل أبيب في صياغة سياسة إقليمية شاملة مناهضة لإيران، وهذا من بين القواسم الاستراتيجية المشتركة بين النظام السعودي والكيان الصهيوني.. علاوة على ذلك، تشير الاجتماعات السرية بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل على مر السنين إلى أن علاقتهما أكثر دفئًا في السر مما يقدمها أي من الطرفين علنًا لأسباب سياسية محلية خاصة بهما.
لطالما أرادت إسرائيل إقامة علاقات علنية مع المملكة العربية السعودية، على الرغم من أن الرياض قد ابتعدت عن هذا لأنها أرادت أن تقدم نفسها على أنها مؤيد للقضية الفلسطينية، مما يجعل وصاية النظام الملكي السعودي على الحرمين الشريفين أكثر رمزية نظراً للأبعاد الدينية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.. حتى أن الملك يتم تملقه بالمصطلحات التي تحمل هذا المدلول مثل (خادم الحرمين الشريفين).. ومع ذلك، إذا كان محمد بن سلمان قد جاء على رأس “الدولة العميقة” في انقلاب ناعم ضد رجال الدين الوهابيين، فعندئذ يمكنه أن يلقي عليهم اللوم على رفض بلاده الاعتراف بإسرائيل بعد كل هذه العقود.
ومؤكد سيكون مهتمًا بتوطيد علاقته بإسرائيل، بل قد يذهب إلى الاعتراف الرسمي بها.. على اعتبار أن هذا الأمر يعد تعبيرًا نهائيًا عن هوية بلاده المتحولة جذرياً تحت قيادته، بل قد يكون مدفوعاً بنفس القدر من الأهمية بالضرورات الجيوستراتيجية المتعلقة بمشروع رؤية 2030 ومصالح كلا الجانبين في نيوم.
ولهذا نجد أن الشركات الإسرائيلية تعد المستثمر الأهم في مشروع نيوم.. الأهم على الإطلاق.. بل إن دعم كل من الصين وروسيا للمشروع يصب في مصلحة إسرائيل أيضًا.. ولكن أولًا دعنا نتساءل…
لماذا يتم انشاء نيوم في هذا الموقع بالتحديد؟
تم اختيار خليج العقبة ليس فقط لأنه سيسمح لنيوم بالانتشار بين مصر والأردن، ولكن أيضًا بسبب قربها من الأراضي المحتلة (إسرائيل).. التي تروج لاقتراحها الخاص بالسكك الحديدية عبر البحر الأحمر المتوسط باعتباره المكون والمكمل المثالي لطريق الحرير الجديد بالشرق الأوسط.
المستثمر الصيني في نيوم
تل أبيب تعرف تماما أن الصينيين يبحثون دائما عن خطط احتياطية وتنويع طرق النقل من أجل عدم الاعتماد على أي ممر اتصال واحد، وفي هذه الحالة، فإن النقل البري للسكك الحديدية من خليج العقبة إلى شرق البحر الأبيض المتوسط عبر إسرائيل يكون جاذبًا للغاية وفق استراتيجيات بكين.. وعلاوة على ذلك، فإن الصين لديها علاقات رائعة مع كل من المملكة العربية السعودية وإسرائيل، لذلك من وجهة نظر بكين، فإن هذا هو “الربح” المثالي في الشرق الأوسط.. وبهذا يصبح لدى الصين (بصفتها عملاق الاقتصاد الأسيوي) ولدى العالم كله طريق جديد بديل لقناة السويس. وهذا ما قد تدفع به إسرائيل مليارات الدولارات، لأنها تتحول بذلك لمركز الشرق الأوسط وقطبه الأوحد بدلًا من مصر.
المستثمر الروسي في نيوم
هناك أيضًا العامل الروسي الذي يجب أخذه في الاعتبار، ومن المعلوم بموضوعية – على الرغم من نفيها بشكل شائع في مجتمع Alt-Media – أن موسكو وتل أبيب على علاقة ممتازة مع بعضهما البعض وتتعاونان بشكل أساسي كحلفاء في سوريا. عند حساب التقارب الروسي السعودي سريع الحركة والدور الاستراتيجي الكبير الذي تتخيله موسكو في القرن الحادي والعشرين في أن تصبح قوة الموازنة العليا في أوراسيا، من المحتمل أن روسيا ستؤيد أي اعتراف سعودي بإسرائيل واندماج تل أبيب في نيوم لأن هذا المشروع سيسمح بعد ذلك لنخبة رجال الأعمال الروس في كل من الاتحاد الروسي وإسرائيل بالاستثمار في هذه الدولة المثيرة والممر التكاملي ومشروع السكك الحديدية الإسرائيلية بالبحر الأحمر.