قائمة المحتوى
السعودية تعد بتسخير الخبرات الإعلامية الدولية في نيوم، ولا تعد بحرية الصحافة
يعد النظام السعودي المستثمرين بأن تكون نيوم مركز المنطقة للصناعات الإعلامية المزدهرة، وقاطبة الخبرات الإعلامية الأكاديمية والمواهب الشابة.. على المستوى المحلي والعربي والدولي.
حرية الصحافة في المملكة العربية السعودية
هل تصبح نيوم منطقة معزولة عن المملكة بشكل كامل؟! فكما أن لها نظامها القضائي المستقل التابع للملك هل تعمل الخبرات الإعلامية فيها وفق معايير أكاديمية بغض النظر عن ما يسري على بقية المملكة من تضييق إعلامي، وسيادة سياسة الصوت الواحد؟
وفقًا لمراسلون بلا حدود تحتل المملكة المرتبة 170 في مؤشر حرية الصحافة – مما يجعلها الدولة العاشرة الأقل حرية للإعلام على كوكب الأرض.
فالواقع أن حرية الصحافة في المملكة العربية السعودية قد تم اختيالها منذ زمن بعيد.. وسائل الإعلام المستقلة غير موجودة، أولئك الذين يبتعدون كثيراً عن الرواية الرسمية للأحداث يجدون أنفسهم يتعرضون للمضايقة أو السجن أو التعذيب أو حتى القتل، وغالباً ما يتم ذلك بتهم غامضة بالتجديف أو الإضرار بالصورة الوطنية للبلاد أو الإرهاب.
والقمع لا يقتصر على أولئك الذين يعملون بنشاط ضد النظام.. وكما تقول مراسلون بلا حدود: “بصورة تلقائية يصبح الصحفيون مشتبهًا بهم إذ هم اختاروا الحياد بدلاً من العمل على الخط الإعلامي الرسمي، وهو مديح محمد بن سلمان والتأييد الكامل والمطلق للنظام”.
أي شخص – على سبيل المثال – إعادة فتح العلاقات مع قطر، أو إنهاء الحرب في اليمن، أو حتى انتقاد العلاقة الوثيقة بين السعودية وإسرائيل، سيكون هدفاً لقمع الدولة – ناهيك عن أولئك الذين يكشفون المستوى الواسع والمتوطن من فساد النظام وعمليات الإفساد التي يعمل عليها مع جهات خارجية، ورؤوس أموال غير مبالية بقدسية الأرض، ولا بتاريخها، ولا بمصالح عوام الشعب.
تنكيل النظام السعودي بالصحفيين في الداخل والخارج
لا يتوقف اضطهاد الصحفيين حتى عند حدود المملكة.. فباستخدام الجواسيس وتكنولوجيا التجسس الرقمية المتقدمة، يتم رصد الأفراد في جميع أنحاء العالم.. وفي حالة واحدة جريئة بشكل خاص، اخترق النظام السعودي هاتف جيف بيزوس، مالك “واشنطن بوست” و”أمازون”، وأغنى شخص في العالم. فإذا كانت هذه هي الطريقة التي يعامل بها النظام السعودي أغنى فرد على كوكب الأرض، فمن السهل أن نتخيل كيف يمكن أن يعامل معارضاً أقل شهرة.
أحد الأمثلة السيئة السمعة على اضطهاد المملكة العربية السعودية لوسائل الإعلام هو اغتيال الصحفي في واشنطن بوست ورئيس تحرير قناة الأخبار العربية جمال خاشقجي.
وقد طلب من خاشقجي حضور القنصلية السعودية في اسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وهناك تم القبض عليه وخنقه وتقطيع أوصاله على يد 15 من قتلة النظام.. وحتى وكالة الاستخبارات المركزية CIA (حليفة النظام السعودي) أكدت أن عملية القتل كانت مدبرة من قبل محمد بن سلمان نفسه.
كانت جريمة خاشقجي هي استخدام كلماته ضد النظام – وكانت عقوبته إعدامه على يد القتلة المأجورين للنظام.
كما أن مضايقة الصحفيين تأخذ أشكالاً أخرى كثيرة.. وجرائم النظام السعودي لا تنتهي، من أجل أن يعلو الصوت الواحد.. كان من المفترض أن تكون حرية الصحافة من أولويات محمد بن سلمان الذي يحاول طوال الوقت ترويج أنه جاء بفكر جديد أكثر اعتدالًا، وكان لزامًا عليه أن يبدأ عصره بتخفيف هذا النهج الوحشي للصحافة، ولكن على عكس ذلك تضاعف احتجاز الصحفيين ثلاث مرات منذ عام 2017 في ظل نظامه.
لذا فإن حديث محمد بن سلمان ودولة نيوم السعودية كونها وجهة لشركات الإعلام العالمية هو مجرد خيال شخص دموي.. إنه معارض وحشي لحرية التعبير، ونظام يطالب بالإخلاص المطلق للأنا الهشة لولي العهد ودوائره، فهل يظن أمثال هؤلاء أن أموال البترول وحدها كافية لصناعة حضارة؟ هل يعتقدون أن الخبرات الإعلامية المتراكمة لدى أعتى الجامعات الدولية إذا ما تواجدت داخل مدينتهم الجديدة دون أي متنفس إعلامي، وبفرض سياسة الصوت الواحد يمكن لهذه الخبرات أن تنتج منتجًا جيدًا؟ لا إعلام حقيقي بدون حرية، ونيوم المدينة الهشة التي صنعتها أفكار ولي العهد الطفولية لن تحقق أي نهضة تذكر بدون حل للأزمات التي تكاد تفتك بالمملكة من الداخل، وحرية الصحافة على رأس هذه الأزمات.. لأن الدولة التي تفتقد للشفافية وحرية التعبير عن الرأي، والتي تنتصر للصوت الواحد (صوت النظام) ولا تسمع غيره، لن تصلح أخطاؤها أبدًا، ولن تصبح دولة ذات شأن في يوم ما.