الحريات المدنية

منظمات حقوقية تطالب شركات نيوم بإدانة انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة

من انتهاء الموجهة الإعلامية العالمية الغاضبة حول قضية خاشقجي، تظهر قضية رهف محمد القنون ذات الـ 18 عام، والتي تتسبب في في حدوث عاصفة إعلامية جديدة تكثف الأضواء الدولية على حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية.. وتُعد هذه الحلقة بمثابة تذكير آخر بمدى قدرة وسائل التواصل الاجتماعي على صياغة الروايات التي تؤثر على كيفية تصرف الحكومات والهيئات الدولية في نهاية المطاف.

حقوق الإنسان والحريات في نيوم السعودية
الصحفي السعودي جمال خاشقجي

نتذكر هنا أن الكثير من مناصري حقوق الإنسان في العالم يتضامنون بقوة مع المواطنين السعوديين الذين يرغبون في التمتع بحريات مدنية أكبر ليس فقط نتيجة للقصص البارزة المتكررة حول المواطنين السعوديين في وسائل الإعلام، ولكن أيضًا لأن محمد بن سلمان كثيرًا ما يروج لإصلاح مفترض داخل المملكة.

في كل مرة يتم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإبراز قصة مواطن سعودي يتعرض للتضييق، أو لرغبة في التغيير أو ترويجًا له بالمملكة.. وجسامة المهمة والتحدي المطروحة أمام محمد بن سلمان كبير، وهو لا يثبت أنه يمشي في الطريق أو على الأقل يحافظ على وتيرة من سبقوه.. بل هو يعد أكثر حكام المملكة دموية ووحشة، وكبتًا للحريات، وإن أدعى غير ذلك.

ولكن وعود محمد بن سلمان بالإصلاح – وإن كانت كاذبة – قد رفعت سقف الآمال خاصة لدى الشباب، ومن الواضح أنه لا يوجد مجال للعودة، فالشباب يتوقون إلى قدر ولو متنفس ضئيل من الحرية، وهم يستمعون للأخبار العالمية ويشاهدون مقاطع الفيديو على اليوتيوب مثل الشباب من أماكن أخرى حول العالم.. إذا استطاع مقتل جمال خاشقجي ومن بعده هروب رهف محمد أن يخلقا حالة من السخط المجتمعي، فبإمكان أي مواطن سعودي آخر ممارسة ضغط أكبر على محمد بن سلمان لتطبيق مستويات أكبر من الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

نظام دكتاتوري أبوي قمعي

أثارت الأزمات الأخيرة في ملف الحريات المدنية درجة كبيرة من التشكك تنتشر داخل المملكة وأماكن أخرى حول رواية محمد بن سلمان بأنه يحقق تقدمًا كبيرًا في “إعادة” السعودية إلى الإسلام “المعتدل”.

لا شك في أن العديد من منتقديه سيوافقون على أن السماح للمرأة بقيادة السيارة هي خطوة براقة، لكنها خطوة هشة للغاية مقارنة بأزمات المرأة الحقيقة داخل المملكة، بداية بالعنف الأسري، ونهاية بالقوانين التي تظلم النساء ولا تعطيهم أي مساحة من الحرية أو الاستقلالية.. فمقابل كل رهف ينكشف الغطاء أمام العالم كله عن ملايين النساء السعوديات اللواتي ما زلن خاضعات لنظام أبوي قمعي، والكثير من النساء السعوديات الأخريات اللواتي يجعلن قصصهن مسموعة.

فضلا الموت بدلاً من العودة إلى المملكة!

في عام 2018 تم العثور على الشقيقتين السعوديتين تالا وروتانا فارع مقتولتين في نهر هدسون في نيويورك في ظروف مريبة.. بعد أن عاشوا مع أفراد الأسرة منذ وصولهم إلى الولايات المتحدة قبل عامين، تم وضعهم في ملجأ للعنف الأسري في عام 2017.

إحدى النظريات السائدة عن حالات الوفاة التي لم تحل بعد بسبب الغرق هي أنهم تركوا الملجأ ونفد المال، وفضلا الموت بدلاً من العودة إلى المملكة العربية السعودية!

وأما عن  رهف فإن الفضل يعود لحكومة تايلاند التي اتخاذ موقف قوي لحمايتها وضمان مرورها الآمن إلى البلد الذي اختارت الإقامة فيه في نهاية المطاف.

على الرغم من أن كندا عرضت عليها اللجوء، إلا أن كل دولة لم تكن لتختار أن تعمل مثل الحكومة التايلاندية.. في الحقيقة، إذا لم تعرض رهف قضيتها فكل هذا الإحساس الصادق الذي لمس القلوب على وسائل التواصل الاجتماعي، فربما لم تكن ستعاملها بنفس الطريقة.

في حين أنه من غير المحتمل أن تتخذ الرياض إجراءات ضد بانكوك لقرارها، فمن المؤكد أن الحكومة السعودية لن تنساه.. ويثير هذا السؤال بعد ذلك، لماذا يجب على أي دولة أن تخشى الانتقام من دولة أخرى لمساعدتها في منح شخص ما الرغبة في العيش بحرية؟!

منظمات تطلب من مستثمري نيوم إدانة انتهاكات حقوق الانسان

أعربت 12 منظمة وجهة عن استياؤهم من الانتهاكات الواضحة لحقوق الإنسان في المملكة، وعلى رأس هذه الانتهاكات التهجير القصري لأهالي الحويطات.. مما جعلهم يطالبوا الشركات المساهمة في مشروع نيوم بالإعراب عن استياؤهم، عل الضغط الاقتصادي على محمد بن سلمان يكون وسيلة ناجحة في تحقيق الحد الأدني من التعايش الآمن للمواطنين بالمملكة.

المنظمات الموقعة على البيان منها “أمريكيون لأجل الديموقراطية وحقوق الإنسان في البحرين” و”مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان” و”المركز الأوروبي للديموقراطية وحقوق الإنسان” و”المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان” و”مركز الخليج لحقوق الإنسان” و”الخدمة الدولية لحقوق الإنسان” و”جست فورين بوليسي”.

وجاء في نص البيان..

” نحن المنظمات الموقعة أدناه نكتب لكم لنعرب عن مخاوفنا حول الانتهاكات المتكررة التي ترتكبها السلطات السعودية في حملتها لتهجير بعض أبناء قبيلة الحويطات لتنفيذ مشروع مدينة نيوم في محافظة تبوك، ولعلمنا بتقديمكم الخدمات الاستشارية لهذا المشروع.

يقلقنا أن مشاركتكم في هذا المشروع لم تمنع آثاره الضارة بحقوق الإنسان لسكان المنطقة، بما في ذلك انتهاك حقّهم في استخدام الأرض والإجراءات العقابية لمن عبّروا سلميًّا عن رفضهم التهجير، وكل ذلك حاصل وسط حملات قمع أوسع للحقوق المدنية في السعودية.

نود هنا تسليط الضوء على مسؤولياتكم الأخلاقية والقانونية تحت المبادئ التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة، ولذلك نحثّ شركاتكم على الإجابة على هذه المخاوف وإصدار بيان علني فورًا يندد بالانتهاكات المرتكبة بصريح العبارة، وندعوكم إلى النظر في مسؤولياتكم ونحث شركاتكم على إعادة تقييم مشاركتها في مشروع نيوم وإيقافها تمامًا ما دامت لا تتوفر إمكانية التصدي لهذه الآثار الضارة بحقوق الإنسان”. انتهى البيان.. ولكن الانتهاكات لم تنتهي.. فهل تبني السعودية اقتصادها على جثث أبناؤها من السعوديين، كما بني الأوربيون أمريكا على جثث السكان الأصليين؟.. الرجل الأوربي الذي أطلق رصاصة على ساكن أمريكا قديمًا لم يكن حينها يقتل مواطنًا من أبناء شعبه، لذلك، النظام السعودي أسوء.