الرؤية

مشروع نيوم محاولة لإنقاذ رؤية 2030 المشوهة

أكد الموقع الإخباري البريطاني ميدل إيست آي MEE أن رؤية ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان  نحو خطط 2030 تحمل كل مؤشرات الفشل بعد تراجع ملفت في سير المشاريع الاقتصادية..

وأشار التقرير المنشور بالصحيفة البريطانية أن ما قد يحافظ على زخم مشروع “نيوم” هو أهميته الاستراتيجية على البحر الأحمر بالقرب من إسرائيل، حيث يؤمن قوة التقارب والعلاقات المستترة بين الرياض وتل أبيب.. مبرزا بذلك إن الغرض الحقيقي وراء تنفيذ المشروع هو تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وجاء في التقرير أنه كان من المفترض أن يكون مشروع نيوم محفزًا للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة.. لكن تداعيات فيروس كورونا من جانب وانهيار أسعار النفط من جانب آخر ألقيا بظلال الشك على مستقبله.

والآن مع دخول رؤية 2030 في العام الخامس تعاني المملكة من صدمات لا حصر لها، وتخبطات في الرؤى، ليكون من حق المواطن السعودي أن يتساءل بقلق: هل يوجد ضوء في نهاية النفق لما أسمته إدارة محمد بن سلمان رؤية 2030؟

دعونا ننظر لتفاصيل الخطة عن كثب، حتى لا نخرجها من إطارها وظرفها الزمني، ويكون حكمنا عليها تفصيليًا صائبًا.. عندما تم الإعلان عن الخطة كان محمد بن سلمان نائبا لولي العهد، وتم الحديث آنذاك عن استثمار تريليونات الدولارات في مشروعات ضخمة تنقل حياة المواطن السعودي إلى مستوى آخر، مع وعود بمزيد من الرفاهية والتوجه نحو العولمة

لكن هذا الإعلان لم يتضمن بالمصارحة أو المواربة، التواطوء مع الصهاينة، وتنفيذ مشروعات – كنيوم – هدفها تسليم الأرض السعودية إلى الجانب الصهيوني بالتعاون مع مع كل من الإدارة المصرية والإدارة الأردنية.

النفط في مشروع نيوم
انخفاض سعر النفط يهدد المملكة

انخفاض سعر النفط يهدد المملكة بأزمة اقتصادية

تابع التقرير المنشور في ميدل إيست آي: حتى قبل حدوث الوباء، لم يكن كل شيء على ما يرام، حيث من الواضح أن الموقع الرسمي لرؤية 2030 والمسمى Vision 2030  لم يعمل على تحديث قسم “Vision Progress” –  بأي من اللغتين العربية أو الإنجليزية – منذ عام 2018.

كما ظلت معدلات البطالة مرتفعة بين المواطنين في المملكة خلال السنوات القليلة الماضية، فحافظت على استقرارها عند معدل 12 % بينما نما الاقتصاد بنسبة 0.3 % فقط في عام 2019..

أما الاقتصاد غير النفطي – وهو الذي تراهن عليه المملكة في رؤية 2030 – فقد نما بنسبة 3.3 % فقط! وهذا هو أقوى أداء شهده الاقتصاد غير النفطي بالمملكة منذ عام 2014 وفقًا بيانات الهيئة العامة للإحصاء!

والأسوء من ذلك أن المملكة في انتظار انتكاسة كبيرة، حيث أنه من المتوقع أن يعكس تأثير انخفاض أسعار النفط وأضرار فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 هذه المكاسب، فتخسر المملكة كل ما حققته من جراء الزحف الاقتصادي البطيء، الذي لا يتناسب نهائيًا مع حملات الترويج له باعتباره الصحوة والنهضة الاقتصادية الكبرى!

تتوقع وكالة التصنيف فيتش أن ينكمش الاقتصاد غير النفطي بنسبة أربعة بالمئة هذا العام.

الخصخصة وحش الرأسمالية الذي سيفتك بالمملكة

الانتكاسات الأخرى لرؤية 2030 ستكون ناتجة عن جهود الخصخصة، التي زعمت الإدارة السعودية أنها تهدف إلى تمويل التنويع، بالإضافة إلى خزائن صندوق الاستثمار السعودي للاستثمارات في الداخل والخارج.

الحدث الكبير الذي كان سيؤدي لمزيد من خصخصة أصول الدولة هو الطرح العام الأولي لشركة النفط المملوكة للدولة أرامكو السعودية العام الماضي.. ولكن بدلاً من ال 5% الأولى التي سيتم تخصيصها، وجمع ما يزيد عن 100 مليار دولار، تم تخفيض الاكتتاب العام الأولي، حيث تم بيع 1.5% فقط مقابل 26.5 مليار دولار.

المملكة السعودية تفقد ثقة واهتمام المستثمرين

قال ديفيد ويرنغ أستاذ العلاقات الدولية في جامعة رويال هولواي معلقًا على هذا الأمر: “لم يكن هناك اهتمام كافٍ من المستثمرين الأجانب”.

لكن إدارة بن سلمان المتخبطة اعتبرت الإصلاحات التي تم إجراؤها كجزء من رؤية المملكة 2030 لم تسر بما يكفي لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي يُقدر بأقل من واحد بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي من قبل معهد التمويل الدولي.

تحتاج جهود التنويع إلى المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر، وهذا لم يحدث على مدى السنوات الثلاث الماضية.

كربيس ايردين، كبير الاقتصاديين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة التمويل الدولية يقول: إن الإصلاحات الهيكلية لا تزال محدودة للغاية وتحتاج إلى تحسين لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.

ويتابع ايردين: “قد يكون اجتذاب المستثمرين الأجانب أمرًا صعبًا في المستقبل خصوصًا بعد تراجع أرباح أرامكو حيث أن الرياض تسببت في انهيار أسعار النفط في مارس الماضي.

أما هيو مايلز المحرر الاقتصادي فيري أن الإدارة السعودية وحسب وصفه: “فقدت ثقة الجميع، بما في ذلك أولئك الذين استثمروا في أرامكو، حيث بدأوا حرب أسعار جعلت جميع المستثمرين يشعرون بأنهم تم خداعهم، حيث أنهم في النهاية لم يحصلوا على الأرباح المتوقعة”.

زيادة أصول صندوق الاستثمار إلى 2 ترليون دولار

وبعد كل ما سبق ذكره، من أجل جمع المزيد من الأموال، هناك حاجة إلى الخصخصة لزيادة أصول صندوق الاستثمار، التي من المفترض أن تصل في إطار خطة رؤية 2030 إلى 2 تريليون دولار بحلول عام 2030، مقابل 320 مليار دولار هي الحصيلة الحالية.

مشروع نيوم قشة تتعلق بها المملكة للنجاة من التخبط والفشل

توضح التقارير العالمية أن تطوير مشروع نيوم بطيئًا للغاية.. وقد تم الإعلان عن الخطة الرئيسية لخليج نيوم، وهي أول منطقة حضرية يتم تطويرها، في يناير 2019.

كان من المقرر أن يبدأ البناء في الربع الأول ، ولكن تم توقيع العقود للمباني السكنية الأولى للعمال فقط – تجمع مباني واحد من ثلاثة الهدف منه استقبال 30 ألف عامل بناء في سبتمبر 2019 ..

حتى الآن في يونيو 2020 ليس من الواضح ما إذا كانت الأجزاء المستقبلية وإنشاءات مشروع NEOM قد تم تأجيلها أو إلغاؤها كليةً!

يتجه المحللون إلى أن مستقبل مشاريع وخطط بن سلمان غير واضح ومثير للشكوك في ظل الافتقار الواضح للتقدم والشفافية وما يصيب العالم من آثار إقتصادية بالغة السوء.

بينما قال مايلز أن ما يحافظ على زخم المشروع هو أهميته الجيوسياسية على البحر الأحمر بالقرب من إسرائيل، حيث تعزز إدارة بن سلمان في الرياض علاقاتها مع أصدقاؤهم في تل أبيب. وأردف مايلز: “إن الهدف الرئيسي لنيوم هو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ولهذا السبب محمد بن سلمان على استعداد لتنفيذ المشروع”..

محمد بن سلمان على استعداد لتنفيذ المشروع بغض النظر عن أي حسابات أو خسائر اقتصادية.. لأن الخسائر والتخبطات الواضحة لن تنقذه أمام شعبه حين يصبح العام 2030 ويرى الشعب السعودي أن ما وعدهم به ولي العهد محض سراب، فمن الواضح أن مخاطبة ود الصهاينة بمشروع نيوم خطة بن سلمان الشيطانية ليظل آمنًا مستقرًا على مقعد والده، وتظل المملكة تنزف جراء تخبطات ولي العهد الذي يرسم أحلام غير قابلة للتحقيق، ويضع خطط اقتصادية تشهد فشل من بعد فشل.