الطاقة

نيوم مدينة تحقق أحلام إسرائيل وتعوض النظام السعودي عن انخفاض سعر النفط

تتضمن خطة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للتنمية الشاملة للمملكة العربية السعودية، المسماة خطة أو رؤية 2030 قسمًا لفت انتباه المحللين وهو المشروع العملاق والطموح نيوم.

تبلغ مساحة نيوم 26500 كيلومتر مربع، ويقع المشروع في شمال غرب المملكة العربية السعودية بالقرب من الحدود مع الأردن ومصر.

المدينة كبيرة جدًا لدرجة أنها تغطي بعض الأراضي في البلدين المجاورين أيضًا.

لكن ما جعل المشروع أكثر جاذبية للخبراء هو تكلفته الضخمة والبالغة 500 مليار دولار.

يقول محمد بن سلمان أن مشروع نيوم سيزيد النمو الاقتصادي والتنوع، وسيوسع الصناعات المحلية، ويخلق فرص عمل، ويضع مستقبل الحضارة البشرية.

ويطل هذا المشروع على البحر الأحمر.

الطاقة في نيوم
الطاقة في نيوم

أهداف مشروع نيوم المعلنة والغير معلنة

نظرًا لأن أحد المجالات الرئيسية لتنمية مدينة نيوم هو استخدام التقنيات الجديدة لأغراض السياحة والتنمية الصناعية، فمن الواضح أن الهدف الرئيسي من هذا المشروع هو تحسين الظروف الاقتصادية نظرًا لانخفاض أسعار النفط والأزمة الاقتصادية في المملكة العربية السعودية.

لذا فإن الأهداف العامة لهذا المشروع هي: الحد من اعتماد الاقتصاد على النفط، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، والانتقال من الأزمات الاقتصادية، وتحويل انتباه وسائل الإعلام عن جرائم النظام السعودي، مثل حرب اليمن، وتزايد المشاكل المحلية من اعتقالات وخلافات مع القبائل، وكذلك تغيير الصورة السعودية التقليدية من مجتمع مغلق وبلد مستهلك فقط إلى دولة حديثة ومتحضرة في العالم.

لكن السؤال هو.. أين تصل هذه الخطوة الطموحة بابن سلمان؟

علاقة تل أبيب بمشروع نيوم

كتاب الشرق الأوسط الجديد، الذي كتبه الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز، ليس كتابًا بسيطًا يحتوي على مجموعة من الأفكار، بل بالأحرى تكمن أهمية الكتاب في خطته التنفيذية لتطبيق أهداف النظام الصهيوني.

يتبع هذا الكتاب أفكار وخطوات النظام الصهيوني، وهو مفيد في التنبؤ بأعمال إسرائيل المستقبلية.

كما زادت الحاجة إلى إصلاح السياسات الاستعمارية الصهيونية من مصداقية خطة بيريز لإسرائيل.. وزادت التكهنات بأن إسرائيل تسعى إلى تنفيذ ما يسمى بخطة الشرق الأوسط الجديد من خلال مشروع حلم بن سلمان.

أولئك الذين قرأوا بعناية كتاب شمعون بيريز يمكنهم التعرف على مناهجه وأفكاره، والتي تشمل مجموعة من المناهج العرقية والدينية وحتى القومية.

إن هذه المعتقدات ، بطبيعة الحال تهلك لصالح الازدهار الاقتصادي والقضاء على الفقر، وهي عوامل لا يمكن تحقيقها إلا باتباع عملية السلام في الشرق الأوسط.. بل هذا هو الأساس لجميع المبررات والمزاعم التي تستخدمها الأنظمة العربية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وهكذا يمكن القول أن النظام الصهيوني يبذل جهدًا كبيرا لاستبدال المعتقدات الدينية بآراء تخدم مصالحه في المجتمع العربي.. ويعمل على دعم لغة المنفعة كبديل واضح للغات عدة جعلته محاصرًا طوال الوقت، مثل الإيمان بالدين والقومية العربية، وحق الشهداء.. وحلم عودة فلسطين لأهلها.

إليك نظرة على هذا القسم من كتابات بيريز: “يمكننا أن نبدأ هذا النهج من البحر الأحمر، وقد تغيرت التطورات على جانبي البحر الأحمر بمرور الوقت، ومصر والسودان وإرتريا على جانب واحد من الساحل، وإسرائيل والأردن والمملكة العربية السعودية على الجانب الآخر.. كل هذه الدول لها مصالح مشتركة، ولا يوجد سبب للصراع بينها.. وتسعى إثيوبيا وإرتريا إلى إقامة علاقات جيدة مع جيرانهما، بما في ذلك إسرائيل، كما وقعت مصر اتفاقية سلام مع إسرائيل.. وتسعى الأردن والمملكة العربية السعودية أيضًا إلى ضمان حرية الملاحة وحقوق الصيد في المنطقة “.

في الواقع يمكننا الاستنتاج أنه في هذا المخطط الكبير تعمل إسرائيل على تطبيع العلاقات مع العرب، وقد بدأت هذه الخطة من منطقة الخطر الرئيسية (البحر الأحمر).

لكن السؤال الثاني: كيف سيتعامل بن سلمان مع بناء مشروع نيوم الضخم ، في ظل الظروف الداخلية للمملكة العربية السعودية؟

بن سلمان يستعين بإسرائيل

هل يستعين بن سلمان برأس المال والخبرات الصهيونية من أجل بناء نيوم؟

كما قيل في البداية، فإن أحد أهداف هذا المشروع هو تقليل اعتماد السعودية على النفط بسبب انخفاض سعره.

لكن في هذه الخطة، يعتمد المصدر الرئيسي للتمويل على جزء من أرباح شركة أرامكو وهذا يتعارض بشدة مع قضية انخفاض أسعار النفط العالمية.

من ناحية أخرى، مع انخراط السعودية المكثف في الصراعات الإقليمية، ولا سيما تمويل الجماعات التكفيرية، وحرب اليمن، وشراء الأسلحة.. يبقى السؤال هو كيف سيمول بن سلمان هذا المشروع؟

بالطبع، تنص الخطة على أن الحكومة السعودية ستتكفل بـ 300 مليار دولار من مبلغ التمويل.. وأن المبلغ المتبقي البالغ 200 مليار دولار سيأتي من (الاستثمار الأجنبي).

ومع ذلك، فإن مبلغ 300 دولار يمثل هو أيضًا عبئًا ثقيلًا على السعودية لأن البلاد وقعت على ما يقرب من 600 مليار دولار صفقات أسلحة على مدى العامين الماضيين.

وبن سلمان من ناحية أخرى منخرط بعمق في قضايا كسب الرزق والمشكلات الاقتصادية للشعب السعودي، وأساسًا مثل هذا المشروع الضخم يتعارض مع الإمكانات الاقتصادية للمملكة العربية السعودية، ويصبح هذا أكثر وضوحا عندما نعلم أن العجز في الموازنة السعودية بلغ 131 مليار ريال  حسب موقع iuvmpress.

ويثير طلب المملكة العربية السعودية للحصول على قرض بقيمة 31 مليار دولار أمريكي من دول أوروبية وأمريكية أيضًا مزيدًا من الغموض حول تمويل هذا المشروع!

ومع ذلك، نظرًا للمشكلات الاقتصادية المحلية الحادة في المملكة العربية السعودية، مثل ارتفاع معدلات الفقر وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي، إلى جانب اشتباكات وتجاذبات آل سعود حول السلطة، مما يخلق مناخًا غير صحيًا، وغير آمن للاستثمار.. تثير جميعها شكوكا جدية حول هذه الخطة السعودية بالاعتماد على الكيان الصهيونية، لتمويل المشروع.

ويبقى السؤال الأساسي هو ما إذا كان مشروع نيوم يصب في مصلحة الشعب السعودي أم لا؟! الإجابة على هذا السؤال تحتاج لمزيد من المصارحة حول طبيعة المشروع، وعلى إدارة بن سلمان أن تقدم أرقام واقعية، بشأن التمويل والأرباح المتوقعة.. لأن كل ما هو مطروح على الطاولة حتى الآن مجرد أحلام. ولكن ما لا شك فيه – ووفق المعلومات المتوفرة لدينا حتى الآن – إن هذا المشروع يصب في مصلحة الكيان الصهيوني.