العاهل السعودي في نيوم… هل يستفز الشعب؟

العاهل السعودي في نيوم… هل يستفز الشعب؟

العاهل السعودي في نيوم... هل يستفز الشعب؟
العاهل السعودي في نيوم... هل يستفز الشعب؟

العاهل السعودي في نيوم… هل يستفز الشعب؟

وصل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود الأربعاء إلى مدينة نيوم، لقضاء بعض الوقت للراحة والاستجمام حسب وكالة الأنباء السعودية، خاصة وأن حالته الصحية تعاني من تدهور ملحوظ، حيث غادر الملك البالغ من العمر (84 عاماً) المستشفى مؤخراً بعدما أجريت له عملية جراحية في أواخر يوليو/تموز.

تُعد هذه الخطوة استفزازاً واضحاً لمشاعر السعوديين الذين فُرضت عليهم سياسات تقشفية قاسية إثر الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد بعد تفشي وباء كورونا الذي أثر بدوره على أسعار النفط وساهم في خفضها بصورة غير مسبوقة.

من ناحية أخرى، إن تمسك الملك سلمان ونجله بتنفيذ مشروع نيوم هو إهدار لمقدرات الدولة، وسوء استغلال للميزانية العامة التي يجب أن تُنفق لتلبية احتياجات الشعب، خاصة أنه في الوقت الذي يتم فيه رفع ضريبة القيمة المُضافة على الشعب الذي يعاني بالفعل، يقوم الملك برحلة استرخاء واستجمام “مكلفة بالطبع”.

تأتي هذه الزيارة “المستفزة” في ظل تشكيك الكثيرين في جدوى بناء المدينة من الأساس، فبعمل مقارنة بسيطة بين تكاليف المشروع والخدمات التي سيقدمها مقابل الاستغناء عنها وتوظيف تلك الأموال لخدمة الشعب -الذي لن ينتقل أغلبه للعيش في تلك المدينة عند بنائها- سنجد أن التراجع عن إقامة المشروع لن يُعد قراراً كارثياً، بل على العكس، سيخدم الطموحات الإصلاحية لابن سلمان بصورة أكثر عملية وفائدة.

العاهل السعودي

ويرى البعض الآخر أن المشروع مجرد دعاية سياسية وترويج لبن سلمان، وأنه لن يخرج عما تم بالقاهرة في مارس/آذار 2015 تحت مسمى المؤتمر الاقتصادي، من التوظيف الإعلامي، وعدد من المشروعات التي لا تخرج للنور.

المشروع في ظاهره مشروع “مفيد”، لكن تنقصه الإمكانيات المادية، ويهدده الأوضاع غير المستقرة التي تمر بها البلاد، خصوصاً من الناحية الاقتصادية، فالوضع المالي الحالي للسعودية شديد السلبية، لا يتحمل إهدار الفائض منه في مجالات إنفاق إضافية، خاصة “نيوم” التي يتطلب إنشائها 500 مليار دولار.

وبحسب بيانات وزارة المالية السعودية بلغ الدين العام للمملكة حوالي 754 مليار ريال (201 مليار دولار)، بينما لم يكن الدين العام للمملكة يتجاوز 44 مليار ريال في 2014، ومن الجدير بالذكر أن السعودية لم يكن لديها ديون خارجية خلال عام 2015، قبل أن تبدأ في الاستدانة في العام التالي 2016 بقيمة 27.5 مليار دولار، ليزيد في العام الذي يليه إلى 49 مليار دولار، ثم إلى 68 مليار دولار في 2018، ونحو 81.4 مليار دولار بنهاية 2019، قبل أن تصل إلى 86.4 مليار دولار في نهاية الربع الأول من العام الجاري، وتمثل الديون الخارجية نحو ما يقرب من نصف إجمالي الدين العام.


ووفقاً لتصريحات المسؤولين في وزارة المالية السعودية سيتم اقتراض 220 مليار ريال (58.7 مليار دولار) بزيادة 100 مليار ريال (26.7 مليار دولار) عما كان مخططاً له قبل كورونا، فضلاً عن تراجع عائدات أرامكو، حيث هوت بنسبة 73.4% في الربع الثاني من العام الجاري، على خلفية انخفاض أسعار النفط بسبب إجراءات الإغلاق العالمية المرتبطة بفيروس كورونا الجديد، ما يزيد من الضغوط المالية على المملكة ويدفعها نحو مزيد من الاقتراض والتقشف.

من التحديات الأخرى التي تواجه المشروع، وقد تمثل مغامرة أمام المستثمرين الأجانب إذا أقدموا عليه- حيث يعتمد بصورة رئيسية على تمويلهم- استمرار حالة عدم الاستقرار بالمنطقة، خاصة أن السعودية متورطة في ملف حرب اليمن الذي استنزف مواردها، وأهدرت بسببها مليارات الدولارات التي أنفقتها على الأسلحة المستخدمة في الصراع، الذي لم تحقق فيه انتصاراً منذ بدأت الحرب قبل 5 أعوام.

مدينة “نيوم” تُعد المشروع الأكبر ضمن خطة محمد بن سلمان الإصلاحية للمستقبل “رؤية 2030″، والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد والتحرر من الاعتماد على النفط وحده كمصدر للدخل، ولكن في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، والتدهور المالي الذي لم تشهده المملكة من قبل، فإن التمسك بإقامة هذا المشروع يُعد ضرب من ضروب الرعونة الفكرية والقيادية، فبدلاً من إقامة مشاريع تساهم في تنويع الاقتصاد، سيلتهم المشروع كافة عائدات مصدر الدخل الوحيد الحالي، تاركاً الشعب يقاسي من سياسات التقشف ويعاني من تدهور الأحوال المعيشية.

وأخيراً، هل تحمل هذه الزيارة رسالة واضحة للسعوديين، وعلى رأسهم قبيلة الحويطات المفروض عليهم ترك منازلهم لأجل إتمام بناء “نيوم” بن سلمان، بأنه لا مكان لهم في قائمة اهتمامات النظام الحاكم، وأن مقدرات الشعب وُجدت لخدمة الملك ونجله وتلبية رغباتهم وأحلامهم؟

أقراء المزيد: Neom is ‘hugely exciting’ to British investors – so why are so few interested?

شارك المقالFacebookXEmailWhatsAppLinkedIn
اترك تعليقاً