تناولت مصادر حقوقية عدة أخبار اعتقال السلطات السعودية للعشرات من أبناء قبيلة الحويطات خلال الأيام القليلة الماضية، حيث قامت بذلك بعد حملة مداهمات لبيوتهم في منتصف الليل.
وجاءت تلك الحملة بعد رفض العديد من أبناء الحويطات القبول بالتعويض المادي وترك بيوتهم وأراضيهم لمشروع محمد بن سلمان نيوم، وهدفت السلطات السعودية من وراء تلك الحملة إلى إرهاب الأهالي وإجبارهم على القبول بما تعرضه عليهم، من تعويضات مالية مجحفة.
كما تعرض المعتقلون من أبناء الحويطات إلى التهديد بالسجن الدائم أو القتل وأخذ الأراضي والمنازل عنوة وقسرا، وهو ما استنكرته العديد من المنظمات الحقوقية، ودعت بدورها للتضامن مع المعتقلين والمطالبة بالإفراج الفوري عنهم.
كما رصدت وسائل إعلامية عربية أن المبالغ التي عرضتها السلطات السعودية زهيدة لم تتجاوز ٢٠٠ ألف ريال فيما تقدر قيمة الأراضي والمنازل التي يسكنها أبناء الحويطات بالملايين.
وقال شهود عيان من أبناء الحويطات بأن رئيس لجنة الترحيل القسري فهد بن سلطان، يقوم بإجبار شيخ الحويطات على الحضور معه تحت التهديد بما لا يتحمله، كي يتقاضى المبالغ المالية التي قررتها السلطات السعودية أمام عدسات الإعلام وكأن الأمر جاء بالرضا، وكأنه لا توجد أزمات بين الدولة وأبناء القبيلة.
تزامنت حملة الانتهاكات تلك مع حملة أطلقها نشطاء وحقوقيون تحت عنوان “العدالة لضحايا نيوم” لفضح جرائم النظام السعودي بحق أهالي المنطقة، ولتحقيق مبدأ العدالة في معاملتهم.

تعود أزمة قبيلة الحويطات إلى شهر يناير من العام 2020 عندما قام مسؤولون تابعون لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بطلب مقابلة أبناء الحويطات للتفاوض معهم على ترك بيوتهم وأراضيهم والرحيل من المنطقة من أجل إتمام مشروع نيوم، ولم تكن المقابلات التي تمت من أجل التفاوض كما تم تصويرها إعلاميا وإنما كانت في الحقيقة من أجل الإجبار على التهجير القسري ومغادرة الديار والأرض، سواء قبلوا بما تعرضه الدولة من مبالغ مالية زهيدة، أو رفضوها، حيث أخبروهم بأن القرار نافذ ولن يتم التراجع فيه وفقا لأوامر ولي العهد.

من جانبها صرحت المديرة التنفيذية السابقة لقسم الشرق الأوسط بمنظمة “هيومن رايتس ووتش” سارة ليا ويتسون، إن ما يتعرض له أبناء قبيلة الحويطات من انتهاكات واعتقالات ممنهجة لإرغامهم على ترك أراضيهم وديارهم من أجل مشروع نيوم الانتهاكات، يظهر الوجه الحقيقي للنظام السعودي في معاملة المواطنين بعيدا عن التزييف الإعلامي، لأنه في الحقيقة لا يحترم أبناء الوطن ولا يراعي حرماتهم.
مقاومة داخلية نادرة
تحت هذا العنوان وصفت وكالة الصحافة الفرنسية “فرانس برس” موقف أبناء قبيلة الحويطات مما يفعله بهم النظام السعودي بأنه يمثل مقاومة داخلية نادرة لهذا النظام، وخاصة بعدما أعلن أشقاء عبد الرحيم الحويطي الذي قتله السلطات السعودية لرفضه الخروج من داره أمام الناس، وقيامه بنشر سلسلة من الفيديوهات يرفض فيها الرضوخ لقرار التهجير القسري من ديارهم التي عاشوا فيها منذ 800 عام.
بالإضافة إلى رفض ذويه للدية مقابل الدم، على الرغم من أن النظام السعودي قد قام من خلال لجانه الالكترونية بادعاء قبولهم الدية وتصالحهم مع السلطات.
تشييد أم هدم؟
فما هي حقيقة ما يقوم به النظام السعودي مع أبناء شعبه عامة، ومع أبناء الحويطات خاصة، وهل يمكن لنظام أن يشيد مشاريع عملاقة على أشلاء أبناء شعبه لمجرد أنهم يرفضون التهجير القسري من بيوتهم، وهو حق يضمنه القانون والدستور ومواثيق حقوق الإنسان، وهل ستحكم السلطات السعودية العقل وتتسم بالعدالة في التعامل مع أبناء الدولة، فهم مواطنون لهم حقوقهم التي يجب احترامها وفق القانون الذي يجب أن يحكم.
اقرأ أيضًا: رالي دكار: محاولة يائسة للتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية