“أرامكو” منذ أن أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن رؤيته الاقتصادية 2030 التي قال بأنها سوف تنقل المملكة العربية السعودية من نظام الاقتصاد النفطي، إلى نظام الاقتصاد المتنوع، لتعيش المملكة بذلك عهد الرخاء الاقتصادي الكبير، والواقع يحكي شيئاً مختلفاً، فمشروعات تلك الرؤية وعلى رأسها مشروع مدينة نيوم، ذو الميزانية الأضخم والتي قدرت ب 500 مليار دولار، في أيام تعيش فيها السعودية أكبر أزمة مالية في تاريخها، لم تخطو خطوة واحدة نحو التقدم حتى الآن، ومع ذلك لم يتنازل بن سلمان عن أحلامه.
إصرار ولي ولي العهد السعودي على استكمال حلمه الخيالي، أرغم شركة أرامكو السعودية، أكبر شركات النفط في العالم، على طرح أسهمها للاكتتاب، وهو ما عرضها لتراجع قيمة أسهمها خاصة بعد استهداف الحوثيين لها منذ أشهر.

مؤخرا قال ياسر الرميان، رئيس مجلس شركة أرامكو السعودية، في مقابلة أجراها مع صحيفة فايننشال تايمز إن حكومة المملكة تدرس إدراج المزيد من أسهم شركة أرامكو للاكتتاب، إذا ما كان التقييم صحيحا، وفي نهاية العام 2019 قامت الحكومة السعودية بطرح 1.73% من أسهم شركة النفط السعودية أرامكو ليصبح هذا الاكتتاب هو الاكتتاب الأكبر في العالم، بعدما تم جمع 29.4 مليار دولار، وقد كان الطرح الأولي للاكتتاب 1.5% ثم تم رفعه فيما بعد.
وأضاف الرميان للفايناشيال تايمز، أن شركة أرامكو والتي تعد أكبر شركة نفط في العالم، تعمل على عمل برنامج ضخم لهيكلة الأصول وبيعها، مؤكدا أن أرامكو تفعل كل شيء بنفسها، إذ لديها مطاراتها، وأساطيل الطائرات الخاصة بها، وخطوط الأنابيب الخاصة بها أيضاً، و”إذا كان من المنطقي بالنسبة لنا أن نبيع بعض هذه الأصول، فسنقوم بذلك من دون شك .. ويمكن أن تتضمن عملية البيع أي شيء باستثناء العمليات الرئيسية للشركة”.
والمعروف عن شركة أرامكو أنها تنتج في الظروف الطبيعية وبعيدا عن أي اتفاقيات دولية لخفض الإنتاج، 10 مليون برميل من النفط يوميا، كما أن قيمتها السوقية بلغت 1.86 تريليون دولار.

هل تحل الخصخصة الأزمة؟
منذ أشهر مضت، صدر تقرير بريطاني أكد أن ما ستجنيه المملكة العربية السعودية من وراء خصخصة شركة أرامكو ليست سوى امتيازات متواضعة ومحدودة، كما أن المشروعات التي طرحها ولي العهد السعودي قد تنبأت الكثير من مراكز الأبحاث الاقتصادية بصعوبة تحقيقها، ومهو ما دفع الكثير من المستثمرين إلى العزوف عن الاستثمار في مشروع نيوم، وعليه فإن تلك المشروعات سوف تستنزف ميزانية المملكة بلا طائل، لاسيما وأن مصادر النفط أصبحت في سنوات الفرص الضائعة في ظل تحول العالم إلى أنظمة الطاقة الخاصة به.
كما أشار التقرير إلى أن ما تم جمعه من عملية الاكتتاب الأولى وهو ما يقدر 29 مليار دولار لن يكون لها أي تأثير في إنجاز رؤية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كما وصف تلك الرؤية بأنها مجرد خطة مسرحية لمحاولة كسر إدمان النفط، والهروب إلى تصنيع السيارات والأسلحة وهو السوق الذي تحاوله المملكة دخوله متأخرا بعدما سبقت فيه دول كبرى، وأضاف التقرير بأن النظام السعودي قد لجأ إلى الحيل لبيع 1.5% من أسهم أرامكو في بورصة “تداول” المحلية، وأن ولي العهد الذي يحلم بإطلاق مشروعه ذو الميزانية الأكبر، والذي أكد التقرير أنه لن يذهب بعيدا عن سواحل البحر الأحمر- في استخفاف بالرؤية السعودية لولي العهد.
كذلك أشار التقرير إلى أزمة الحرب السعودية في اليمن، مشيرا إلى أنه يتوجب على المملكة أن تقتصد في نفقاتها لتغطية رابع أكبر ميزانية عسكرية في العالم بسبب الحرب المفتوحة في اليمن، فضلا عن تمويل النظام العسكري في مصر، من أجل ضمان استمرار النظام السعودي، وعدم التعرض لموجة تغيير شعبية قد تطيح بالملك مثلما حدث في فترة الربيع العربي، والذي دعمت السعودية الثورات المضادة له في المنطقة، وهذا كله يجعل المملكة في أمس الحاجة إلى كل دولار وليس كما تفعل من تبديد عشرات المليارات من الدولارات في الصحراء… فهل يتراجع بن سلمان عن مشروع نيوم أم تخسر المملكة أرامكو .. أم يسلك سبيل الضرائب التصاعدية على الشعب لتحقيق حلمه؟
اقرأ ايضًا: بن سلمان يبيع المملكة لتمويل مشاريع قد لا تتحقق أبداً