«مدينة المستقبل يحكمها قاتل».. هكذا خسر بن سلمان أكذوبته الهوليوودية بمقتل خاشقجي

«مدينة المستقبل يحكمها قاتل».. هكذا خسر بن سلمان أكذوبته الهوليوودية بمقتل خاشقجي

«مدينة المستقبل يحكمها قاتل».. هكذا خسر بن سلمان أكذوبته الهوليوودية بمقتل خاشقجي
«مدينة المستقبل يحكمها قاتل».. هكذا خسر بن سلمان أكذوبته الهوليوودية بمقتل خاشقجي

مرحبا بكم في مملكة من القرون الوسطى؛ حيث ما تزال المرأة تكافح من أجل الحصول على الحقوق الأساسية، وتُقطَع رؤوس المحكومين بالإعدام بالسيف على الملأ على نحو روتيني.. هذه ليست المفاجأة، لكن الصدمة الحقيقية هي أن مملكة كهذه، تبشر العالم بمدينة عصرية غير مسبوقة ترسم طريقة جديدة للحياة على نحو أفلام الخيال العلمي!

نيوم.. التوظيف الأمثل للتطور التقني التكنولوجي في صناعة القمع المثالي غير القابل للاختراق، هكذا استهل مجلة الكاتب الصحافي روبرت ف. ورث، المدير السابق لمكتب صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية في بيروت، تقريره الفريد عن أكذوبة مشروع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

ميدل إيست آي": محكمة أميركية تستدعي محمد بن سلمان في قضية محاولة اغتيال  الجبري | الميادين

يقول ف. ورث إن المشروع عبارة عن “أحلام طوباوية كاذبة يروِّج لها بن سلمان حول إنشاء مدينة سعودية جديدة بمواصفات عصرية وطبيعة حياتية متقدمة، خفايا منطوية على واجهة لمشروعات باهظة التكاليف تخفي تحتها أسوأ توظيف للديكتاتورية الرقمية”، متسائلًا: هل يقبل المرء العيش في هذه المدينة الخاضعة للمراقبة على مدار الساعة، والخاضعة لأهواء أمير قاتل يداه مُخضَّبة بالدماء؟

وفيما يسعى العالم لتوظيف التطور التقني والتكنولوجي الهائل في تنمية حياة الشعوب ورفع رفاهيتهم، فإن قصر الحكم في السعودية أخذ الأمر في منحى مغاير تماما، إذ تعد المملكة من أعلى دول المنطقة العربية إنفاقا على المشاريع الرقمية، لكن لخدمة أخرى، وهي توظيفها في السيطرة على البلاد بقبضة رقمية حديدية غير قابلة للاختراق.

وإذ تمثل مشاريع بن سلمان للذباب الإلكتروني، والسيطرة على منصات التواصل، وحجب المواقع المعارضة، واعتقال الناشطين، وغيرها من وسائل السيطرة الرقمية على البلاد، فإن مشروع نيوم يمكن اعتباره بلا شك الثمرة النهائية لهذه الخطوات، فيما يمكن أن نصفها بمدينة القمع الرقمي.

ويشير ورث إلى أن السعوديين أطلقوا الآن العنان للخيال على نحو يجعل كل جهودهم المُضنية السابقة مُذلَّلة وقابلة للتحقيق. وأطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للبلاد، فيلمًا قصيرًا في شهر يناير يوضح خططه لمشروع ذا لاين (the Line)، وهي مدينة ذات بيئة متطورة للغاية (ما بعد الحداثة) تُبنَى على الساحل الشمالي الغربي للمملكة. وستكون المدينة عبارة عن قطاع حضري ضيق بطول 170 كيلومترًا (106 أميال) بلا طرق، بلا سيارات، بلا تلوث.

ويلمح ورث إلى أن الجزء الأخير من فيديو مدينة «ذا لاين» يقدم ملاحظة مدهشة: صور الطرق السريعة الحضرية المزدحمة والجسور التي تذكرنا بالفيلم البائس المرعب «كويانسقاتسي» (Koyaanisqatsi) ومعناها «الحياة الخارجة عن التوازن»، الذي أُنتِج عام 1982، والذي قدَّم الحداثة على أنها خيانة للأرض. ووفقًا للفيديو، سينقذ مشروع «ذا لاين» البشرية من هذا الكابوس، ويقضي على التنقلات والتلوث ويحافظ على 95% من الطبيعة داخل حدوده.

ويلفت ورث إلى أن ما لم يقله الأمير هو أن هناك بالفعل آلاف الأشخاص الذين يعيشون في وئام مع الطبيعة في المنطقة نفسها: مجتمع قبلي موجود منذ قرون ويعيش على تلك الأراضي، والآن سيحل محله هذا المشروع الجديد. وقد سجَّل أحد رجال القبائل الموجودين في هذه المنطقة مقاطع فيديو عبَّر فيها عن احتجاجه على عمليات إخلاء السكان من المنطقة – وهي مقاطع فيديو، لك أن تتخيل، من نوع مختلف عن مقطع الفيديو الذي أنتجه محمد بن سلمان. أما الرجل القبلي الذي سجَّل الفيديو المعارض، فقد قتل بالرصاص العام الماضي في مواجهة مع قوات الأمن السعودية.

ينوه ورث إلى أن أي شخص قضى وقتًا في المدن الحالية في السعودية يمكن أن يتعاطف مع الرغبة في بناء مدن جديدة. فالمدن القائمة يعلوها التراب والكآبة. ويترأس رجال الدين ذوو الأفق الضيق أنظمة بيروقراطية فاسدة تقاوم التغيير. لكن المشهد السعودي مليء بالفعل بالمشروعات العملاقة الفاشلة أو المهجورة. ولذلك، تجاوب بعض السعوديين مع فيلم محمد بن سلمان بكتابة تعليقات قاسية ومريرة حول ضرورة تجديد المدن والأحياء الموجودة في البلاد قبل رمي المليارات في أي قصور أو عقارات فاخرة، أو مشروعات غريبة أخرى.

لكن ما لم يكن يتوقعه بن سلمان هو أنه وبعد أن أنهى عرضه الترويجي، نفاجأ بصوت أنثوي دافئ يصف الحياة في مشروع «ذا لاين»، حيث ينحسر الواقع الحضري المرير، وتستعرض الصور السعيدة أمامنا: قمم الجبال التي يكسوها الضباب، والأمواج التي تضرب الساحل البكر. أما الكلمات الأخيرة للفيلم، والتي جاءت في شكل استعراض لوجوه متعددة الثقافات تومض عبر الشاشة، فقد كانت غير معقولة إلى حد كبير: «منزل لنا جميعًا – مرحبًا بكم في ذا لاين».

ويختم الكاتب مقاله بالقول: وحينما استمعتُ إلى المشهد، لم يسعني إلا أن أتساءل عن المرأة التي تحدثت بهذه الكلمات. هل ستفكر حتى في الانتقال إلى مدينة صحراوية نائية، لتكون خاضعة للمراقبة على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع ولأهْوَاء أمير قاتل؟ أظن أنها فعلت ما فعله كثيرون مِمَّن عملوا لدى السعوديين: نطقتْ بما كتبوه لها، واستلمت الشيك وأطلقت ساقيها للريح.

اقرأ أيضًا: بن سلمان يبيع المملكة لتمويل مشاريع قد لا تتحقق أبداً

شارك المقالFacebookXEmailWhatsAppLinkedIn
اترك تعليقاً