فضيحة مدفوعة الأجر.. أذرع “بي أوت سبورت” السعودية في كولومبيا تنتقل لدعم “نيوم”

فضيحة مدفوعة الأجر.. أذرع “بي أوت سبورت” السعودية في كولومبيا تنتقل لدعم “نيوم”

بات التسويق المدفوع جزءا لا يتجزأ من عالم البروباغندا هذه الأيام، ولا يبدو انتقادا واقعيا حين نتحدث عن فلسفة التسويق بالمال والانتشار عبر الحملات المدفوعة، لكن ما نتحدث عنه اليوم يتجاوز فكرة التسويق المدفوع إلى كونه فضيحة أخلاقية وإعلامية مخزية.

قائمة طويلة من الأكاذيب مرتبطة بمشروع نيوم، سنضيف إليها اليوم واحدة أخرى، وكأن الكذب والادعاء قرين هذا المشروع الذي يتغلف بالكذب من أوله إلى آخره.. والفضيحة الجديدة هذه المرة تأتي من أمريكا اللاتينية، وبالتحديد، كولومبيا.

وإذا كُنتَ سعوديا، فأنت تعرف كولومبيا بالتأكيد، ليس لأنها بلد شاكيرا أو بابلو سكوبار.. ولكن لأنها البلد الذي استضافت على مدار سنوات فضائية بي أوت سبورت السعودية، التي أنشأتها المملكة لضرب جارتها القطرية في حملة قذرة بدأت حتى قبل بداية حصار مستضيفة المونديال.

ويبدو أن الأذرع الإعلامية التي بنتها السعودية على مدار السنوات السابقة لم تذهب هباءً حتى مع إغلاق فضائية بي أوت سبورت بفضيحة عالمية، إذ استثمرت السعودية هذه الأذرع في مهمة جديدة، وهذه المرة هي الترويج لأحلام مشروع نيوم الخرافي الخيالي القادم من الفضاء.

وأمام شعوب لاتينية بعيدة جغرافيا عن الأرض العربية، يبدو بديهيا أن تلك المناطق ستصدق ما تسمعه في صحفها المحلية عن مدينة الأحلام، دبي الجديدة.. الأكذوبة الأخرى القادمة من أرض العرب المليئة بالبترول والمال.

لكن المفارقة هنا هو كيفية استثمار الصحف السعودية الموالية للنظام لهذه الأخبار المدفوعة، إذ سرعان ما التقطتها أبواق آل سعود لتعتبرها “إشادة دولية” وتضيفها لقائمة طويلة من الإشادات المدفوعة للمشروع، والتي تقدمها للقارئ السعودي باعتبارها اعترافا مجانيا من العالم بريادة المملكة وتفوقها.

صحيفة عكاظ السعودية، نشرت صباح اليوم خبرا بعنوان: “صحيفة EL TIEMPO الكولومبية: نيوم مدينة المستقبل الحالمة”، معتبرة هذه الإشادة القادمة من بعيد، دليلا على اعتراف العالم أجمع بعبقرية الأمير الشاب الملهم محمد بن سلمان.

https://www.okaz.com.sa/news/local/2058197

 لكن مراسلنا في أمريكا اللاتينية نقل لنا علاقة تلك الصحيفة بمجال التسويق المدفوع، بعد استعراض أرشيفها الصحفي وما تنشره عادة عن المنطقة العربية، ومن بينها هذا المقال الذي تشيد به الصحف السعودية.

الصحيفة الكولومبية التي تطلب منك فور الدخول إليها التبرع لدعمها، وتلزمك بإزالة مانع الإعلانات لاستكمال تصفحها، نشرت المقال بعنوان “La impresionante ciudad lineal que construirá Arabia Saudita”، والذي يعني “المدينة الخطية الرائعة التي ستبنيها المملكة العربية السعودية”. ويتسطرد المقال في وصف روعة المدينة وخياليتها، وأنها ستكون بحق عاصمة الدنيا، في أوصاف غير صحفية ولا مهنية على الإطلاق، ولا يمكن ورودها إلى في مقال مدفوع الأجر.

لكن، وبنظرة أخرى على أرشيف الصحيفة الكولومبية المحلية، نجد باقة من الأخبار المدفوعة التي لا يُتصور أن تنقلها صحيفة تخاطب الجمهور اللاتيني، إذ تقع تلك الأخبار بشكل كامل خارج دائرة اهتمام العالم الغربي كله، بل ومن المستغرب حتى أن تُنشر في صحيفة عربية غير سعودية.

فمثلا، نشرت الصحيفة منذ أسبوعين مادة بعنوان “Arabia Saudita presentó la Academia de Deportes Mahd”، والتي تتحدث عن مشروع محلي سعودية لتدريب الفتيات والفتيان الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 12 عامًا على الرياضة! وهو خبر يبدو غريبا أن يُنشر في صحيفة لم تنقل خبر اغتيال قاسم سليماني مطلع العام، وليس لديها ولا لدى جمهورها أي اهتمام بالمنطقة العربية.

https://www.eltiempo.com/deportes/futbol-internacional/presentacion-de-la-academia-de-deportes-mahd-en-arabia-saudi-522648

وعلى هذه الشاكلة من الأخبار، تُكمل الصحيفة الكولومبية رحلتها، معتمدة بشكل رئيس على التسويق بالمحتوى، والذي تستثمر فيه السعودية بشكل فاعل ولافت، لكن الأمر المستهجن بحق، هو أن تُقدم تلك الإعلانات للقارئ العربي باعتبارها إشادات دولية حرة بالمشروع، إذ إن الصحف الحرة بالفعل قد كتبت رأيها، واعتبرت المدينة هي أمثل توظيف للتكنولوجيا في صناعة الديكتاتورية.

شارك المقالFacebookXEmailWhatsAppLinkedIn
اترك تعليقاً