في تطور جديد من الحكومة السعودية، وتراجعات وخيبة أمل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كشفت صحيفة بلومبيرغ في تقرير لها، عن أن ولي العهد يمر تلك الفترة بحالة استياء شديدة بسبب تأخر وضعف الإنجاز في مشروعات رؤيته،مشيرة إلى أن مسؤولين سعوديين أبلغوا الصحيفة بأن حكومة المملكة بدأت تعيد النظر في برامج ومبادرات رؤية 2030، وقد تضطر الحكومة لتقليص تلك البرامج، أو دمجها.
الجدير بالذكر أن تلك المراجعات ليست هي الأولى أو الوحيدة، منذ أعلن ولي العهد السعودي عن خطته لتطوير مصادر الدخل السعودي وفق رؤيته التي أسماها رؤية 2030، وتقوم على جذب استثمارات أجنبية إلى مشروعات المملكة، وتحقيق التوازن في ميزانية المملكة، مع السعي في خصخصة أصول حكومية.
كما أشار التقرير عن حالة غضب عامة في أوساط موظفين حكوميين بسبب المسؤوليات المتداخلة والأولويات المتضاربة في العمل، واستشهد التقرير بأقوال ثلاثة من موظفي الحكومة السعودية رفضوا الكشف عن أسمائهم، أن حالة السخط تسود بينهم كما تتملك ولي العهد السعودي بسبب ضعف الإنجاز وبطء التقدم في مشروعاته وعلى رأسها مشروع مدينة نيوم الذي قلّص فيه ولي العهد رؤية 2030، والتي كانت قد تضمنت مئات المبادرات، وتشكيل عشرات الكيانات الحكومية الجديدة لتنفيذ تلك المبادرات، كما شملت رؤيته تأسيس وإنشاء مشروع كبير لرعاية أطفال النساء العاملات، ومشروع آخر لتطوير شركة لخدمات التاكسي الطائر، ومشروعات أخرى، كل ذلك يأتي بعد مشروع نيوم أكبر مشروع تلك الرؤية، والتي تبلغ تكلفته 500 مليون دولار أمريكي.
مشروع نيوم الفاشل
كما قال التقرير بأن بن سلمان كان يستهدف من وراء نيوم ومشروعات أخرى زيادة أصول صندوق الثروة السيادي من 600 مليار ريال سعودي ليصبح إجمالي أصوله 7 تريليون ريال سعودي، وخفض نسبة البطالة 7% بين شباب المملكة السعودية، لكن الواقع أثبت غير ذلك، حيث حدثت مخاطر جمة تهدد اقتصاد المملكة برمته، وهذا ما يؤكد العجز الحاصل في ميزانية العام المالي 2020 والذي من المتوقع أن يرتفع إلى 50 مليار ريال، كما أظهرت المؤشرات الاقتصادية ارتفاع معدل البطالة عام 2018 إلى أعلى معدلاتها قبل أن تتراجع إلى 12.3%.

وأرجع التقرير أزمة العجز في ميزانية المملكة والذي بدأ منذ 5 سنوات إلى إنفاق ولي العهد مليارات الدولارات على مشروعات غير مدروسة ترفيهية وعقارية وسياحية، بزعم الانفتاح وتنشيط السياحة، مستشهدة بالمليارات التي تم جمعها من اكتتاب أرامكو والتي تم تجويه أكثرها لدعم مشروعات نيوم والتي لم تظهر الأقمار الصناعية منها إلا القصور الملكية التي يؤسسها ولي العهد لنفسه ولأمراء المملكة.
كما قال التقرير بأن البيانات المالية التي نشرتها وزارة المالية السعودية على موقعها تظهر تراجعا كبيرا في قيمة الإيرادات، وتزايدا حادا في قيمة النفقات، وتشير إلى ارتفاع قيمة الدين العام، ومعدلات التضخم.
وبالنظر إلى واقعية مشروع نيوم، وإمكانية إنجازه أظهرت تقارير أخرى أن إصرار ولي العهد على استكمال المشروع برغم انسحاب كثير من أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين الأجانب، لن يكون في صالح المملكة اقتصاديا، حيث أن الأموال المتوفرة في ظل أزمات الاقتصاد العالمي بسبب كورونا، وتزايد أزمات المملكة بعد وقف السياحة التعبدية تقصد الحج والعمرة، علاوة على انخفاض أسعار النفط الخام، لن تكفي لإتمام المشروع، وإذا ما تم فلن تكفي الاستثمارات فيه لاستعادة ما تم إنفاقه وهو ما يمثل خسارة في كل الأحوال وهزة اقتصادية شديدة لاقتصاد المملكة، كذلك تناول التقرير كلفة الحرب التي تشنها المملكة على اليمن، والتي أظهر فشلها مؤخرا كما توقع الخبراء، حيث لم تكن تلك الحرب سوا توريط للمملكة في صراع غير معلوم الملامح ولا محدد المدة، ولا واضح العدو، وهو ما استنزف مئات المليارات من المملكة في شراء الأسلحة، ومئات المليارات الأخرى لإسكات صوت الغرب عن تلك الحرب في فترة وجود ترامب.
بعد كل تلك المراجعات وهذا الإخفاق، هل بقى من رؤية 2030 غير مشروع نيوم الحلم الذي لن يكتمل، أم أن مشروع نيوم كان هو الرؤية غير الواضحة لولي عهد شاب غرته أموال النفط؟.
اقرأ أيضًا: مئات الملايين من الدولارات لحماية وتأمين نيوم .. مما يخاف بن سلمان؟