هل تُغير نيوم صورة مملكة القرون الوسطى في الإعلام الغربي

في تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز للصحفي الأمريكي روبرت وورث، عن الواقع المظلم للمملكة العربية السعودية المتواري وراء ستار الأحلام المثالية التي يروج لها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قال التقرير بالنسبة لبقية دول العالم فإنها صورة المملكة العربية السعودية تبدو وكأنها مملكة من ممالك القرون الوسطى، فالمرأة فيها لا تزال تكافح ضد الدولة من أجل الحصول على أبسط حقوقها كإنسانة، وبشكل روتيني يتم قطع رقاب المحكوم بالإعدام في ساحات المدن العامة، لكن وعلى شاكلة الإمارات أعلن ولي العهد محمد بن سلمان سعيه في إنشاء خمس مدن جديدة في الصحراء، يريد أن ينتقل بها ولي العهد من اقتصاد النفط إلى الاقتصاد المتنوع، وأن يمحو تاريخ المملكة ليغير تلك الصورة البشعة التي أخذت عنها في الإعلام العربي، لكن ولي العهد لم يكن أقل مثالية وخيالية من سابقيه،  حيث إن مشروعات ولي العهد التي يعلن عنها سواء كانت نيوم أو ذا لاين، فكلها مجرد مشروعات غير واقعية، هي بالأساس غير واقعية، لا من ناحية الإنجاز ولا من ناحية التكلفة، فتكلفة تلك المشروعات التي يطلقها ولي العهد كبيرة حتى بالنسبة إلى المعايير الاقتصادية والمالية للمملكة، كما أنه يستهدف أن يعيش في مدينة الأحلام تلك مليون إنسان فقط من كل العالم، وهو رقم ليس بالقليل فهو يستهدف أغنى مليون إنسان، فما الدافع وراء ترك أولئك أحلامهم والعيش في مملكة القرون الوسطى.

وأضاف روبرت لقد تابعت الفيديو الترويجي لذا لاين كما شاهدت من قبل الفيديو الترويجي لنيوم، وما رأيت فيه سواء غطرسة مميزة، تجمع بين الأبهة الملكية واستغلال الحاسة الدينية، هذا غير المقدمة التي جعلت من مؤسس المملكة عبد العزيز بن سعود كما لو كان مخترعا عصريا، على شاكلة ستيف جيف، وليس على أساس أنه كان محاربا على ظهر جمل.

ويستكمل التقرير .. بعدما استعرض الفيديو أهم إنجازات العالم فجأة تعتّمت الشاشة وتساءل الفيديو الترويجي ما القادم؟ ليظهر محمد بن سلمان، ومن خلفه شعار نيوم، وخط أخضر يعبر عن ذا لاين، ليعلن لنا عن اختراعه، مدينة صفر شوارع، صفر سيارات، صفر انبعاثات كربونية.

ويقول روبرت هل تخيل ولي العهد وهو يعرض هذا الفيديو الترويجي أنه يروج من عام 2017 لأفكار غريبة على الناس في العالم كله، هل يدرك أنه بما يعلنه يشعرنا أنه المسيطر على الطبيعة الكونية في مملكتهم، وأن كل ما هذه الطبيعة خاضعا لسيطرته وكلمته، مثلما قال من قبل أن سوف يزرع الغيوم بما يجعلها تنزل المطر كي تخضر أرض الصحراء هناك، هذا بالطبع غير المشروعات الوهمية من تحلية المياه، والطاقة البديلة، وزراعة الصحراء، فضلا عن القطارات السريعة، والروبوتات الخدمية على شواطئ نيوم المتوهجة رمالها.

هل يدرك ولي العهد السعودي أن كل أولئك الذين يعملون حوله في تلك المشروعات لا يعلمون معه لكفاءتهم ولا لإمكاناتهم وإنما لأنهم لا يقولون لكلمة الأمير إلا نعم، حتى المستشارين الأجانب الذين عملوا معه يتلقون رواتب عالية مقابل أن يقولون نعم، لا أن يعملون وفق أسس العلم والحداثة.

مالم يقله ولي العهد عن نيوم

لقد قال ولي العهد عن نيوم الكثير لكن ما لم يقله كثير أيضا، فهو لم يقل بأن هناك آلاف الأسر يعيشون في منطقة تابعة للمملكة بدون خدمات تليق بالإنسان وبدلا من أن يفكر ولي العهد في إصلاح حياتهم أخذ منهم أرضهم.

مما لم يقله ولي العهد تهجير آلاف الأسر الرافضة لترك بيوتهم وأراضيهم التي عاشوا فيها قرونا طويلة، من قبل تأسيس المملكة.

مما لم يقله ولي العهد هو أن رجاله قتلوا رجلا رفض الامتثال لقرار التهجير بغير حق، وبعد قتله اتهموه بالإرهاب، ثم اعتقلوا العشرات من أهله لإخضاعهم على تنفيذ القرار.

مما لم يقله ولي العهد أن جريمة خاشقجي قد لوثت سجلا ملوثا، وفتحت نافذة على مملكة يراها العالم الغربي مملكة من ممالك القرون الوسطى، فلم تفلح بروجندا نيوم في تغيير صورة المملكة، كما أن ذا لاين لن تقدم ولا تؤخر في سجل الحقوق الإنسانية المهدرة في المملكة، فضلا عن أن كل تلك المشروعات خيالية مثالية غير واقعية.

اقرأ أيضًا: شركاء “الأكذوبة”.. كيف وظف بن سلمان “بروباغندا نيوم” لانتزاع التاج الاقتصادي من دبي؟