رؤية غير واقعية، تهدف إلى تشييد مدينة ضخمة في قلب الصحراء بلا سيارات ولا طراق، تديرها آلات تتعرف على وجهك أينما رأتك، تقام على مساحة تقترب من مساحة دولة بلجيكا، يتم تسويقها على أنها المدينة الأكثر إشراقا وطبيعة، سيبلغ عدد موظفيها 700 موظف، وتكلفتها تقدر ب 500 مليار دولار، ينفق عليها من صندوق المملكة السيادي خلال المراحل الأولى إلى أن تجتذب مستثمرين ورؤوس أموال جديدة، تمتد على 170 ألف كيلو متر، وفقا لما ذكره رئيس عمليات مشروع مدينة نيوم سيمون أينسلي
على الرغم من أن حجم المشروع هائل، والمنطقة واعدة لكن المستثمرين يدركون أن المشروع ما يزال مجرد حلم لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع، لذلك لا يزال تدفق الأموال في نيوم بطيء جدا لا يرقى لرؤية ولي العهد التي باعها للمستثمرين خلال الإعلان عن المشروع ضمن مشروعات رؤيته 2030 لتحويل اقتصاد المملكة من اقتصاد معتمد على النفط إلى اقتصاد متنوع.
كثير يتساءلون عن الأثر الاقتصادي للمدينة، هل بالفعل ستكون أرباحها الناتجة عن الاستثمار فيها مكافئة للمليارات التي ستنفقها المملكة السعودية من صندوقها السيادي؟، وهل سينتفع المواطن السعودي بالربح حقا أم أنه سيسمع عن مدينة خيالية مقامة على أرض دولته دون أن يكون له الحق في دخولها ولا العيش فيها، نظرا لظروف وضعه الاقتصادي الذي لن يسعف إلا الأغنياء فوق العادة من أبناء المملكة، وحتى رجال الأعمال والمستثمرين في العالم، فهل سيجد بن سلمان من يشاركه الحياة في نيوم، وهل يقبل بأن تكون المدينة تشاركية أم تكون عبارة عن تحقيق حلم أحادي، أم أنه سيقبل بالشراكة فيها على غرار شراكته في جريمة قتل خاشقجي؟
تقرير مقتل خاشقجي
خلال الأيام الماضية أصدرت الإدارة الأمريكية الجديدة لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن، وقد خلص التقرير إلى أن ولي العهد السعودي الشاب محمد بن سلمان، قد وافق على اعتقال أو قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي كان له موقف من سياسات ولي العهد السعودي بسبب حملات الاعتقالات الواسعة التي شنها في بداية توليه ولاية العهد بعد انقلابه الناعم على محمد بن نايف، وكان الصحفي السعودي جمال خاشقجي له عمود يكتبه في صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية، تناول فيه أكثر من مرة معارضته لسياسات المملكة، واعتقال الشباب والنشطاء الحقوقيين والمجتمعيين، وناشطات المرأة في المملكة، وكانت معارضة خاشقجي تميل إلى العقلانية أكثر منها مجرد معارضة للسياسات السعودية.
مسؤولون سعوديون رفضوا التقرير الاستخباراتي الذي أعلنته الإدارة الأمريكية، كما تحدثوا عن أن التقرير لم يكن له تأثير على المستثمرين في مشروع مدينة نيوم، وهو ما رد عليه متخصصون بأن المستثمرين الذين يقصدهم المسؤولون السعوديون حين يرون عقوبات المملكة على الأمير الشاب سيتبين لهم حقيقة الأمر، وسيدفعهم ذلك إلى ترك فكرة الاستثمارات في نيوم، كما أشار متخصصون اقتصاديون إن بعض الشكوك تحوم حول فكرة المشروعات الضخمة في المملكة بناء على تجارب قديمة للحكومة السعودية، مثل ما حدث أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في المشروع الذي أطلقت عليه المملكة مدينة الملك عبد الله الاقتصادية.
اقرأ أيضًا: لماذا يمثل الانتهاء من نيوم قرارا مصيريا بالنسبة لإسرائيل؟