قبل عدة ساعات، نشر حساب “مبادرات نيوم المجتمعية” – التابع لموقع المسؤولية الاجتماعية في نيوم– على شبكة تويتر تغريدة جاء فيها “نساهم اليوم بدورنا في مساندة العالم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية الداعمة لخلق مجتمع واقتصاد مستدام”، وهي مبادرة ضمن مبادرات مدينة نيوم التي يؤكد القائمين عليها أنها ستصبح من أكبر المجتمعات المستدامة في المنطقة بل في العالم بأسره.
بادئ ذي بدء، ما هو المجتمع المستدام؟
يحمل مصطلح المجتمعات المستدامة تعريفات مختلفة، ولكنه يشير بشكل أساسي إلى المجتمعات التي يُخطط لها أو تُبنى بهدف تعزيز الحياة المستدامة، حيث تركز تلك المجتمعات على الاستدامة البيئية والاقتصادية وعلى البنى التحتية الحضارية والمساواة الاجتماعية والحكومة المحلية، ويستخدم هذا المصطلح أحياناً بشكل مترادف مع «المدن الخضراء» و«المجتمعات البيئية» و«المدن الصالحة للعيش» و«المدن المستدامة».
وما هي التنمية المستدامة وأهدافها؟
أهداف التنمية المستدامة والمعروفة باسم الأهداف العالمية، هي دعوة عالمية ناتجة عن اتفاق الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عام 2015 للعمل من أجل القضاء على الفقر وحماية كوكب الأرض وضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار بحلول عام 2030 -وفقاً لمبادرات نيوم الاجتماعية، كما أن هذه الأهداف حددت كيفية مساهمة قطاع الأعمال والشركات في بناء عالم أفضل.
جيد، بشكل نظري هذه المبادرة هي نقلة حضارية في مستقبل المملكة، ستؤثر إيجاباً بالطبع عليها وعلى المنطقة المحيطة، لكن عملياً، هل هذا ما يحدث على أرض الواقع حقاً؟
إن المدينة التي تهدف إلى أن تصبح مجتمع مستدام رائد في المملكة، تشترط وبصورة أساسية كي يكتمل بنيانها أن يتم تهجير مجتمع “قائم بالفعل” والذي يبلغ عدد أفراده حوالي 20 ألف مواطن سعودي هم من أبناء قبيلة الحويطات، الذين سكنوا هذه الأراضي هم وأجدادهم القدماء منذ قرون، قبل حتى تأسيس المملكة الحديثة الحالية.
أي أن المجتمع المستدام الذي يتفق مع أهداف الأمم المتحدة هو في الأساس مجتمع بُني على أنقاض انتهاكات فجة وجسيمة جرمتها الأمم المتحدة نفسها، بل ومواثيق العالم أجمع، بُني على أساس الإبادة الجماعية، والتهجير القسري لمواطنين لم يتم توفير أماكن مناسبة لهم بعد الانتقال، أماكن تجعلهم يقيمون سوياً مرة أخرى داخل مجتمع يحتفظ بسمات مجتمعهم الحالي.
كذلك عن أي “مدينة خضراء” تجرأ القائمين على هذا المشروع وتحدثوا عنها؟ هذه المدينة التي كُسيت بالدماء في بدايات العمل فيها! إن الأرض لا تشرب الدماء، ولا يمكن أبداً أن تُمحى دماء عبد الرحيم الحويطي الذي قُتل في 13 أبريل/نيسان من العام الماضي برصاص الأمن السعودي حينما رفض مغادرة منزله لصالح المشروع الذي استخف ولي العهد بحياة شعبه ومقدراته من أجل إتمامه، ليطرح هذا سؤالاً مهماً: هل نيوم مجتمع مستدام أم احتلال منمق!
وأخيراً، يُقال إن مدينة نيوم من المدن الصالحة للعيش… صالحة لمن؟ المدينة بكل المقاييس لا تمت للشعب السعودي البسيط بصلة، إنها تستهدف فئة معينة من فاحشي الثراء من رجال الأعمال وأفراد العائلة المالكة، التي تم بناء حوالي 3 قصور ملكية لهم حتى الآن دون أي ملمح اجتماعي طبيعي يُذكر، لا زالت رمال الصحراء هي عنوان المشهد، ولا زالت دماء أبرياء الحويطات هي سماد هذه المدينة، ولا زالت أموال الشعب هي الغذاء الأساسي لإتمام المدينة بملحقاتها، والتي ستكلف المليارات، التي من المؤكد أن الشعب -المُطالب بالتقشف- أولى بها.
اقرأ أيضًا: نيوم .. هل ستكون مدينة بن سلمان أم سيتشاركها مع الآخرين على غرار الشراكة في قتل خاشقجي