في العام 2017 قالت المؤسسية الريادية في التصنيف الائتماني فيتش ريتينغز: عندما تبدأ الدول ببرامج إصلاح وقت انخفاض أسعار النفط، يخفت حماسها عندما ترتفع أسعاره، وهذا خطر ممكن هنا، ويحتاج مواصلة الكثير من هذه المبادرات وقت أسعار النفط المرتفعة انضباطا.
وإسقاطا لهذا التنبؤ على واقع المملكة السعودية في ظل برامج ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بعدما ملأ الدنيا ضجيجا عن رؤية 2030، فإن هذا هو الواقع الذي باتت تشهده المملكة، لكن ما يزيد الوضع سوءا أن هو غياب التمويل حتى مع ارتفاع أٍعار النفط، بسبب التكلفة العالية التي تتطلبها مشروعات بن سلمان.
جدير بالذكر أنه وفي خلال السنوات الخمس الماضية سجلت أسعار النفط تراجعا حادا مرتين، لكن المملكة كانت وقت ارتفاع الأسعار تعلن كل يوم وآخر عن مشروعات بمليارات الدولارات، ما لبثت تلك المشروعات طويلا حتى اختفى ذكرها، وتبخرت وعود إيراداتها المليارية، وباتت السعودية وقت انخفاض أسعار النفط تبحث عن سبل لسد عجز ميزانيتها الذي بلغ 29 مليار دولار، بعدما كانت تبحث عن أسواق تستوعب منتجاتها النفطية المتزايدة إبان فترة ارتفاع الأسعار.
وكما هو الحال في باقي دول الخليج، فقد تراجع الناتج القومي للملكة السعودية، وبدأت تفرض إجراءات تقشفية على المواطنين، ومن ثم خفضت كافة النفقات في كافة مشروعات رؤية 2030، وأوقفت مشروعات، وأجلت أخرى، حتى توقف نيوم لفترة شهور عن العمل بسبب نقص السيولة في المملكة.
ولكي تسارع المملكة السعودية بإنقاذ نفسها، طرحت 5% من شركة أرامكو للاكتتاب العام، مقابل دفع الشركة لأرباح تبلغ قيمتها 75 مليار دولار، على مدى خمس سنوات قادمة، وكان غالبية المساهمين في الاكتتاب الذي طرحته أرامكو من أ[ناء المملكة، فلم تنجح في جذب مستثمرين أجانب.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، أين هي رؤية 2030 وسط كل تلك الإخفاقات التي تعانيها المملكة؟
والإجابة سهلة يسيرة وفقا للواقع، فرؤية 2030 باقية لكنها مثل السراب، تراه من بعيد حتى إذا اقتربت منه لم تجده، فهي رؤية يملأ بن سلمان الدنيا ضجيجا حولها، لكنها ليس لها أثر تأثير على حياة المواطنين فى المملكة، وليس لها إيراد يذكر في ميزانية المملكة.
لقد أدرك بن سلمان مؤخرا أنه عديم الخبرة، وأن الدول لا تدار بهمجية غير محسوبة، وأن الاقتصاد لا يتنوع ولا يزدهر لمجرد أحلام هلامية، حتى لو كنت تملك المليارات لتنفقها، فلكل شيء قوانينه وأًوله، ولكل تقدم وتغير أسبابه التي يجب الأخذ بها.
تنويع الاقتصاد، وتغير أنماطه لا يحتاج إلى وفرة المال بقدر ما يحتاج إلى الوقت والخطط الواقعية المدروسة على أيدي المختصين في الاستثمار والاقتصاد، فهل يتعلم بن سلمان الدرس، أم يصر على أن يحيا على أحلام المراهقة التي تهدم ولا تبني؟