أكدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن ولي العهد محمد بن سلمان ملتزم بالتطبيع مع إسرائيل والمضي قدما في خططه للتحالف مع تل أبيب لكن بعد انتهاء حربها على قطاع غزة.
وقال الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان في مقال رأي في صحيفة نيويورك تايمز إنه زار مؤخرا السعودية والإمارات لاستطلاع المواقف في ضوء تداعيات حرب غزة.
وذكر فريدمان أن “الشيء الأكثر تفاؤلاً الذي يمكنني نقله من الرياض، ومن التحدث مع المسؤولين الأمريكيين في واشنطن قبل وصولي، هو أنه عندما تنتهي الحرب في غزة، تظل السعودية ملتزمة من حيث المبدأ باستئناف المفاوضات التي كانت جارية قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول”.
وحينها كان المفاوضون وقتها يناقشون صفقة كبرى تدخل بموجبها الولايات المتحدة في معاهدة أمنية مع السعودية، وفي الوقت نفسه، تقوم المملكة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل – شريطة أن تلتزم إسرائيل بخطوات محددة للعمل مع السلطة الفلسطينية نحو تحقيق حل الدولتين.
ولكن بقي لدي انطباع قوي للغاية هنا بأن السعوديين يريدون من الأميركيين إنهاء الحرب في غزة في أقرب وقت ممكن.
ذلك لأن الموت والدمار في غزة يؤدي إلى تطرف سكانهم الشباب (الذين لم يركزوا على فلسطين إلى حد كبير من قبل)، وتخيف المستثمرين الأجانب وتعرقل بشكل عام ما تريد السعودية التركيز عليه: خطة رؤية 2030 لولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحويل البلاد، من التعليم إلى البنية التحتية إلى تمكين المرأة.
وأبرز فريدمان أن “القادة هنا (في السعودية) ليسوا متعاطفين على الإطلاق مع حماس، ولن يحزنوا على اختفاء الجماعة للحظة واحدة، إلا أنهم يشككون في قدرة إسرائيل على القضاء على حماس إلى الأبد، ويشعرون بالقلق من أن الضرر الذي يلحق بغزة سوف يؤدي إلى تفاقم العواقب السيئة غير المقصودة”.
وذكر أن أن على إسرائيل ان تعلم أي الدول الخليجية النفطية لن تعيد إعمار غزة مجانًا.
وقد قتلت إسرائيل وأصابت الآلاف من المدنيين الأبرياء في غزة، في سعيها إلى تحقيق أهدافها المتمثلة في تفكيك آلة حماس العسكرية والقضاء على كبار قادتها.
لكن على إسرائيل الاهتمام بذلك لأنها سوف ترث المسؤولية عن كارثة إنسانية هائلة سوف تتطلب سنوات من العمل العالمي المشترك لإصلاحها وإدارتها.
وكما ذكرت صحيفة التايمز “تظهر صور الأقمار الصناعية أن القتال أدى إلى أضرار جسيمة في كل ركن من أركان مدينة غزة تقريبًا” – حيث تم تدمير ما لا يقل عن ستة الاف مبنى، وحوالي ثلثها في حالة خراب تام.
وقد أشار مقال نشر مؤخراً في صحيفة هآرتس بشأن هذا الموضوع بقلم ديفيد روزنبرغ إلى أنه “حتى لو انتهى القتال بانتصار حاسم على حماس، فإن إسرائيل سوف تكون مثقلة بمشكلة تكاد تستعصي على الحل.
لقد ركزت معظم المناقشات العامة بشأن ما سيحدث في اليوم التالي للحرب على من سيحكم غزة، هذا سؤال معقد إذا تعاملنا معه بشكل منفرد، ولكن المشكلة أعمق بكثير من سيكون مسؤولا عن القانون والنظام وتوفير الخدمات الأساسية: أيا كان المسؤول، فسيتعين عليه إعادة بناء الحطام الذي هو غزة وإنشاء اقتصاد فعال”.
سيكون ذلك مسعى بمليارات الدولارات، وسيستغرق عدة سنوات، ويمكنني أن أقول لكم بناءً على محادثاتي هنا، لن تأتي أي دولة خليجية عربية (ناهيك عن دول الاتحاد الأوروبي أو الكونجرس الأمريكي) إلى غزة بأكياس من المال لإعادة إعمارها ما لم يكن لدى إسرائيل شريك فلسطيني شرعي وفعال وتلتزم بالتفاوض في يوم من الأيام على حل الدولتين وحتى هذا ليس أمرًا مؤكدًا.
استعداد المملكة العربية السعودية للمضي قدماً في الحوار الأمريكي السعودي الإسرائيلي الفلسطيني عندما تتوقف هذه الحرب أمر في غاية الأهمية، لكن هذا ليس مجرد عمل خيري من قبل السعوديين.
نحن أمام استراتيجية الجوهرية، فهذا الجيل من القادة في المملكة وكذلك في الإمارات والبحرين والمغرب غير عاطفي تمامًا عندما يتعلق الأمر بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي على الرغم من أن الأمر معقد.
لقد سئم هؤلاء القادة من القول بأن عليهم تأجيل أولوياتهم وتركيز طاقتهم واهتمامهم ومواردهم على القضية الفلسطينية.
ولكن في الوقت نفسه، فإنهم مرعوبون حقاً من الخسائر المدنية في غزة، وهم يدركون تمام الإدراك الفساد وعدم الكفاءة العامة للسلطة الفلسطينية ويكرهون فروع جماعة الإخوان المسلمين مثل حماس ويفهمون كيف يحاول المتعاطفون معها في جميع أنحاء المنطقة.
وقد أوضح لي دبلوماسيون غربيون ومسؤولون سعوديون كيف أن كل هذه الرياح السياسية المعاكسة تدور اليوم في معارك عربية سيئة تدور رحاها في وسائل التواصل الاجتماعي العربية بشأن قضية فلسطين.