يعيش غالبية العمال الأجانب الذين يفدون للعمل في المملكة العربية السعودية واقع حياة أشبه بالاستعباد في ظل نظام الكفالة الذي تعمل بموجبه الدولة السعودية، والذي يعتبره الحقوقيون شكلا من أشكال العبودية المتأخرة الحديثة لأنه يشجع أرباب العمل على الإساءة إلى العمالة الأجنبية، إذ لأرباب العمل سلطة مطلقة فوق القانون على العامل.
الحكومة السعودية وعدت أكثر من مرة في إطار رؤية ولي العهد السعودي ٢٠٣٠ بالتدخل لحل الأزمة وحماية العمال من أهواء أرباب العمل وتطبيق القواعد المتفق عليها في عقود العمل وفقا للقوانين التي تنظمها الدولة، لكن تدخل الدولة وإصلاحاتها أكد بأنه لا قيمة للعامل ولا لتدخل الدولة فلا تزال سطوة الكفيل فوق القانون.
آلاف العمال في المملكة التي ترغب في بناء مستقبل مبهر يتحدثون عن أنفسهم بأنهم منذ أن دخلوا المملكة تحولوا إلى العبودية القسرية، فمن أول يوم يقوم الكفيل السعودي بأخذ جواز العامل قسرا ولا يعطيه حق التصرف في أي شأن من شؤون حياته، حتى باتت الكفالة في السعودية نوعا من أنواع الاتجار بالبشر.
رؤية محمد بن سلمان في مشروعات الصحراء قائمة بالأساس على نظام العمل القمعي وتعتبره ركيزة أساسية لجميع الخطط الاقتصادية الكبرى في المملكة.
وحال العمال الآسيويين بالأخص أكبر دليل على فساد نظام الكفالة في المملكة وتدمير حياة العمال وعزلهم عن البشرية التي يعلمون ويعيشون بينها، فبعضهم يعيشون عشرات السنين يعمل في شركة أو مؤسسة واحدة برواتب زهيدة مجبرا على العمل قسرا وقهرا إذ لا يستطيع أن يعود إلى بلده أو أن يرفض أوامر كفيله الذي قد يقوم بعمل محضر هروب له وهو يعيش في بيت كفيله لإجباره على حياة العبودية.
بعض موظفي خدمة العملاء في المؤسسات الكبرى ولاسيما التي تقوم على خدمة رجال الأعمال والطبقات الغنية وأبناء العائلة المالكة طوال أيام العام يحرمون من الأجازات حتى في أيام أعياد الدولة الرسمية، وهم تحت الميكروسكوب طوال الوقت يتم تعنيفهم إذا أخطأوا لكن نادرا ما يتم تشجيع المحسن منهم ومكافأته.
كثيرون هم الذين اشتكوا من إنهاء المؤسسات والشركات خدماتهم من دون إنذار أو تمهيد أو مكافأة تعوضهم عن الفترة التي سيقضونها بعد عملهم بحثا عن عمل أو لترتيب أيامهم القادمة وكفالة أهليهم، والمعترض يتم إبلاغ الشرطة عنه ببلاغ هروب، وحينها يعاني الأمرين لكي يعفو عنه كفيله ويرحم حاله ويتركه يسافر خارج المملكة ويعود إلى بلاده، وأكثر هؤلاء يعودون صفرا كما جاءوا.
مئات آخرون ممن هضمت حقوقهم وفصلوا من أعمالهم أيام جائحة كورونا يحكون عن مآسيهم بعدما طبقت البلاد نظام الغلق الكامل إذ وصل بهم الحال إلى التسول لأجل الأكل والشرب والإيجار فترة الغلق حتى يعودون إلى بلادهم
الإهانات التي يلاقيها عمال المملكة السعودية من الأجانب لا توصف، وبعدد العمال في المملكة عدد الإهانات التي تعرضوا لها، فلكل عامل قصة وأزمة، يعاني فيها الأمرين حتى يغادر البلاد كارها اليوم الذي جاء فيه إلى المملكة.
هذه الحكايات وغيرها تؤكد أن الإنسان هو آخر ما يفكر فيه نظام بن سلمان الذي قتل وقطّع جثة خاشقجي، والذي تكدست سجونه بعلماء ودعاة ونشطاء ورموز مجتمعية وشباب وبنات لمجرد أن لهم رأيا لا يوافق هوى ولي العهد السعودي، فهل ينتظر الناس من وراء رؤية الشاب المتهور الفاشل نفعا ومستقبلا!