ما زالت ردود الفعل على فيلم حياة الماعز مستمرة بل وتتصاعد يوما تلو الآخر، خاصة وأن الفيلم ينكأ جراح ملايين العمال الوافدين في المملكة العربية السعودية ويفضح نظام الكفيل الذي يصر ابن سلمان تحسينه على بقائه.
يصور الفيلم كيف انعكس ما حصل مع “نجيب” بطل الفيلم الهندي على وضعه النفسي والذهني والجسدي، وكيف حولته التجربة المريرة إلى إنسان جديد مهشّم معنف، يعجز حتى عن التعرف على نفسه في المرآة.
كما يجسد الفيلم مساوئ نظام الكفالة السعودي الذي كان قائما، وكيف جعل العمال الأجانب، لاسيما الأكثر ضعفاً، تحت رحمة “الكفيل” الذي سمح له القانون بالتحكم في كافة جوانب حياته، من المأكل والمشرب والمسكن، وحتى الحق في التنقل والسفر والانتقال في العمل، وهو ما يمثل انتهاكاً متعدد الجوانب لأبسط حقوق الإنسان والعامل.
فيلم حياة الماعز، قصة حقيقية كشفت عوار نظام الكفيل داخل المملكة العربية السعودية، خاصة في ظل رفض ابن سلمان إلغاء نظام الكفيل ولكنه أيضا أغضب السلطات السعودية والتي أطلقت العنان للذباب الالكتروني ليهاجم الفيلم وصناعه والفنان العماني طالب البلوشي لمشاركته فيما أسموه محاولة الإساءة للمملكة العربية السعودية.
الفيلم يأتي عرضه بالتزامن مع طلب السعودية استضافة كأس العالم لعام 2034، الأمر الذي حوّل أنظار المهتمين بواقع العمال، ولاسيما العمالة الأجنبية، حيث قدم “الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب” الذي يضم 12 مليون عضو، شكوى في 5 يونيو، قبيل إعلان الفيفا لقرارها بشأن استضافة كأس العالم 2034، بشأن ظروف العمل والمعيشة الاستغلالية التي تمس القوى العاملة الوافدة الهائلة، التي يبلغ قوامها أكثر من 13.4 مليون عامل، ذلك بموجب المادة 24 من دستور منظمة العمل الدولية.
الشكوى سلطت الضوء على سرقة الأجور المتفشية، وكشف استطلاع أجراه الاتحاد شمل 193 عاملا مهاجرا مُدرجين في الشكوى عدم قدرة 63 في المئة منهم على الاستقالة بحرية مع إشعار معقول أو المغادرة بعد انتهاء عقودهم.
بالإضافة إلى ذلك، 85% من العمال المدينين لا يمكنهم ترك وظائفهم بحرية، ويعجز 65% منهم عن حيازة وثائقهم (مثل جوازات السفر)، ويفيد 46% أن أصحاب العمل يؤخّرون أجورهم أو يحجبونها لإجبارهم على البقاء.
لاحقاً قالت “هيومن رايتس ووتش” إن “الفيفا” انتهكت قواعدها الخاصة بحقوق الإنسان في إعلانها لخطة استضافة بطولتي كأس العالم المقبلتين للرجال، التي تلغي عمليا الترشح التنافسي، والعناية الواجبة لحقوق الإنسان”.
وأضافت ووردن أن “منح الفيفا السعودية حق تنظيم كأس العالم 2034، رغم سجلها الحقوقي المروع، وإغلاق الباب أمام أي رقابة، يكشف أن التزامات الفيفا بحقوق الإنسان مجرد خدعة”.
وتنص “سياسة الفيفا لحقوق الإنسان”، التي اعتُمدت عام 2017، على مسؤولية الفيفا في تحديد ومعالجة الآثار السلبية لعملياتها على حقوق الإنسان، بما فيه اتخاذ التدابير المناسبة لمنع انتهاكات حقوق الإنسان وتخفيفها.
وتنص المادة 7 من سياسة الفيفا لحقوق الإنسان على “تعامل الفيفا بشكل بناء مع السلطات المعنية وأصحاب المصلحة الآخرين، وبذل كل جهد ممكن لدعم مسؤولياتها الدولية في حقوق الإنسان”، على أن يشمل ذلك استشارة مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة، بما فيه الفئات المتضررة المحتملة، ومراقبي حقوق الإنسان المحليين، والرياضيين، والمشجعين، والعمال الوافدين، والنقابات، قبل اتخاذ قرارات الاستضافة الرئيسية.
وبحسب منظمة “هيومن رايتس واتش” يستغل الكثير من أصحاب العمل في السعودية السيطرة التي يمنحهم إياها نظام الكفالة، لاحتجاز جوازات سفر العمال، وإجبارهم على العمل لساعات طويلة، وحرمانهم من الأجور، وعلى وجه الخصووص العاملات المنزليات الوافدات، “قد يُحبَسن في منازل أصحاب العمل، وقد يتعرضن للاعتداء الجسدي والجنسي.”
كما أدى نظام الكفالة أيضاً، وفق المنظمة، إلى وجود مئات الآلاف من العمالدون وثائق رسمية، “حيث يمكن لأصحاب العمل إكراه الناس على بلوغ هذهالحالة، ويمكن أن يصبح العمال الذين يهربون من الإساءات بدون وثائق.”