لم يكد يستفيق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من الانتقادات التي فضحها فيلم حياة الماعز عن العمال في السعودية إلا وتلقى لطمة كبرى بسبب نظام الكفالة الذي تحول إلى مقصلة وعبودية للوافدين في عهد ابن سلمان.
أعلنت شركة كارفور الفرنسية العملاقة لمتاجر التجزئة، أنها تجري مراجعة بشأن طريقة معاملة موظفيها في السعودية بعد تقدمهم بشكاوى ضد الإدارة. وفقا للشركة فإن العمال يواجهون الخداع على أيدي وكلاء الاستقدام، ويُرغمون على العمل لساعات مفرطة، ويحرمون من أيام العطلة، ويتعرضون للغش ولنهب مستحقاتهم”.
أجبرت إدارة فروع كارفور في السعودية العمال للعمل 60 ساعة أسبوعيا، وأحيانا ما يصل إلى 16 ساعة يوميا.
وقالوا إن مدراء المنشآت التي عملوا فيها، كانوا يلغون أيام عطلتهم الأسبوعية أحيانا، في مخالفة للقوانين السعودية وسياسات مجموعة ماجد الفطيم نفسها. وتقضي القوانين السعودية بألا يزيد عدد ساعات العمل على 48 ساعة أسبوعيا.
وأشارت منظمات حقوقية، إلى تأخير دفع الأجور لشهور لموظفين أجانب في شركات أخرى في السعودية، مع معاناتهم من ظروف عيش غير صحية في أماكن صحراوية.
وأقام مئات الهنود دعوى قضائية ضد شركة إنشاءات سعودية عام 2020،بسبب عدم دفع رواتبهم بعد تسريحهم بسبب جائحة فيروس كورونا.
تأتي انتهاكات عمال كارفور بعد شهر من عرض الفيلم الهندي “حياة الماعز” والذي أثار ضجة وجدلًا كبيرًا، لا سيما في الوسط العربي، بعدما سلط الضوء على المعاناة اليومية لآلاف العمال الوافدين في المملكة العربية السعودية، حيث يجد هؤلاء أنفسهم محاصرين بنظام الكفالة الذي يحد من حريتهم ويعرضهم للاستغلال.
الفيلم كشف عن الواقع القاسي الذي يعيشه الكثير من هؤلاء العمال الذين يعانون من مصادرة جوازات سفرهم، والإقامات الجبرية، والعنف اللفظي والجسدي دون قوانين تحميهم، وساعات عمل تبدأ ولا تنتهي، وضمان اجتماعي غير موجود، وضمان الشيخوخة ليس في الحسبان.
جدير بالذكر أنه في ظل هذه الأوضاع، يستمر نظام الكفالة في السعودية كإرث استعماري تحول إلى مقصلة تقيد حقوق العمالة الوافدة، وتضعهم تحت رحمة الكفيل، مما يفتح الباب للتساؤل عن جذور هذا النظام وكيف تحول إلى أداة للاستغلال.
كذلك يشير نظام الكفالة إلى أسلوب متَّبع في السعودية لتأمين استقدام العمالة الوافدة من الخارج، تُقيَّد بموجبه أحيانًا حرية تنقل العامل (المكفول) خارج البلد، والحرية في العمل لدى جهات أخرى إلا بموافقة صاحب العمل (الكفيل).
فيما ترى هذه الدول في نظام الكفالة وسيلة لتنظيم العمالة المهاجرة، وأنه يضمن حقوق العمال وأصحاب العمل لكنه في السعودية بات ضربًا من الرق والعبودية الحديثة، ومبررًا للاستغلال والاعتداء على حقوق العمال المهاجرين،وهو ما جعله دومًا محورًا للنقاش والانتقادات.
وبحسب منظمة “هيومن رايتس ووتش” يستغل الكثير من أصحاب العمل في السعودية السيطرة التي يمنحهم إياها نظام الكفالة، لاحتجاز جوازات سفر العمال، وإجبارهم على العمل لساعات طويلة، وحرمانهم من الأجور، وعلى وجه الخصوص العاملات المنزليات الوافدات، “قد يُحبَسن في منازل أصحاب العمل، وقد يتعرضن للاعتداء الجسدي والجنسي.”
كما أدى نظام الكفالة أيضاً، وفق المنظمة، إلى وجود مئات الآلاف من العمال دون وثائق رسمية، “حيث يمكن لأصحاب العمل إكراه الناس على بلوغ هذه الحالة،ويمكن أن يصبح العمال الذين يهربون من الإساءات بدون وثائق.”