انتهاكات حقوق الإنسان: الحويطات والعمالة يدفعون الثمن
لم يكن مشروع نيوم ليكتمل دون ثمن بشري باهظ. قبيلة الحويطات، التي تُعد سكانًا أصليين للأرض التي يُبنى عليها المشروع، تعرضت لتهجير قسري غير مسبوق. في 19 نوفمبر 2024، أصدرت منظمة “القسط لحقوق الإنسان” تقريرًا يُدين معاملة العمالة الوافدة في المشروع، حيث أكدت وفاة ما لا يقل عن 21,000 عاملًا في مواقع البناء بسبب ظروف العمل القاسية وانعدام تدابير السلامة الأساسية.
التقرير أشار إلى أن العمال الوافدين، معظمهم من جنوب آسيا، يعيشون في ظروف غير إنسانية مع عدم تلقيهم أجورهم لأشهر. كما أن الحكومة السعودية رفضت منح أي تعويضات لعائلات العمال الذين لقوا حتفهم أثناء العمل.
مناخ القمع والتعتيم
في نظام يُهيمن عليه الخوف والقمع، تصبح مساءلة القرارات أو معارضتها أمرًا مستحيلًا. في 25 أكتوبر 2024, كشفت صحيفة “مونت كارلو الدولية” عن وثائق تؤكد قيام السلطات السعودية باعتقال ناشطين حاولوا توثيق أوضاع العمالة في مواقع نيوم، مما يعكس مناخ التعتيم الكامل الذي يُحاصر المشروع.
القوانين، التي تُصمم لخدمة ولي العهد وحاشيته، تجعل أي انتقاد للمشروع أو حتى تساؤل بسيط حوله جريمة يُعاقب عليها بأقصى العقوبات. هذا المناخ القمعي يجعل من المستحيل على الشعب السعودي التعبير عن استيائهم من إسراف الأموال العامة على أحلام غير واقعية.
السؤال الكبير: إلى متى؟
مشروع نيوم أصبح رمزًا للإسراف والتخبط، وأداة لترسيخ القمع وانتهاك حقوق الإنسان. السؤال الذي يفرض نفسه الآن: إلى متى سيستمر الأمير الطفولي في السير على هذا النهج الكارثي؟ وهل ستقف المملكة عاجزة عن مراجعة نفسها قبل أن تتراكم هذه الإخفاقات لتصبح عبئًا مستحيل التراجع عنه؟
محمد بن سلمان قد يكون قادرًا على فرض أحلامه بالقوة اليوم، ولكن التاريخ لا يرحم من يتجاهل الواقع لصالح نزواته.