في خطوة تثير علامات استفهام حول استدامة المشاريع العملاقة التي يروج لها النظام السعودية ضمن رؤية 2030، كشف تقرير حديث أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) يجري مفاوضات مع وكالة ائتمان الصادرات الإيطالية (SACE) للحصول على ضمانات قروض بقيمة 3 مليارات يورو (حوالي 3.1 مليار دولار). هذه الضمانات تستهدف تسهيل حصول الصندوق على تمويل من البنوك العالمية لدعم مشاريع مثل “نيوم”، المدينة المستقبلية التي باتت رمزًا لرؤية 2030، لكنها تواجه أزمة مالية متزايدة وتأخيرات مستمرة في التنفيذ.
إشارات أزمة مالية: لماذا تلجأ السعودية إلى القروض الخارجية؟
بالرغم من أن السعودية تعتبر واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، فإنها تلجأ إلى الاستدانة وضمانات القروض الأجنبية لدعم مشاريعها الكبرى، وهو ما يعكس ضغوطًا مالية متزايدة. وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن تكاليف مشروع “نيوم” تضخمت بشكل كبير، ما دفع إلى تغيير قيادته واستبدال رئيسه التنفيذي بعد ست سنوات من توليه المنصب.
هذا التطور يثير تساؤلات حول جدوى المشروع، وما إذا كان الصندوق السيادي قادرًا على تمويله دون تحميل الاقتصاد السعودي أعباء ديون جديدة.
الاعتماد على القروض بعد فشل جذب الاستثمارات الأجنبية
تعكس هذه الخطوة أزمة أوسع، حيث فشل نظام بن سلمان حتى الآن في جذب استثمارات أجنبية كافية لتمويل مشاريعه المراهقة ما أجبره على الاعتماد بشكل رئيسي على صندوق الاستثمارات العامة، وهو ما يزيد من المخاطر المالية على المدى الطويل.
رغم الدعاية الضخمة التي رافقت مشاريع مثل “ذا لاين” و”أوكساچون”، فإن المستثمرين الدوليين يظلون مترددين في ضخ أموالهم في مشاريع غير واضحة العوائد، وتعتمد على رؤى مستقبلية غير واقعية.
نيوم: مشروع بلا مستقبل
منذ الإعلان عنه في 2017، واجه “نيوم” عقبات لا حصر لها، بدايةً من ارتفاع التكاليف، وصولًا إلى مشاكل في عمليات التنفيذ وتأخير الجداول الزمنية.
•تقارير عديدة تؤكد أن المشروع يواجه مشاكل هيكلية حادة، منها نقص التمويل وصعوبة توظيف الخبرات المناسبة.
•المشاكل البيئية والإخلاء القسري لقبيلة الحويطات أثارت انتقادات حقوقية دولية، ما أدى إلى إحجام العديد من الشركات العالمية عن المشاركة في المشروع.
•وول ستريت جورنال وصفت المشروع بأنه “حلم غير واقعي” يتطلب أموالًا طائلة دون وجود خطة استثمارية واضحة.
رؤية 2030: طموحات غير واقعية أم فشل متوقع؟
مع ارتفاع الديون وعجز الميزانية المتوقع لعام 2025 الذي يبلغ 26.8 مليار دولار، تصبح أسئلة مشروعة مطروحة حول ما إذا كانت رؤية 2030 تتحول من حلم التنمية إلى أزمة اقتصادية تلوح في الأفق.
بدلًا من تحقيق تنوع اقتصادي حقيقي، لا يزال النظام السعودي يعتمد بشكل شبه كلي على النفط، فيما يتم ضخ أموال ضخمة في مشاريع مستقبلية دون تحقيق أي عوائد ملموسة حتى الآن.
الخلاصة: اقتصاد تحت الضغط ومشاريع بلا ضمانات نجاح
إن لجوء النظام السعودي إلى طلب ضمانات قروض من وكالة ائتمان إيطالية يعكس حجم الضغوط المالية التي تواجهها، خاصة في ظل التكاليف الضخمة لمشروع نيوم، وتأخر التنفيذ، وعدم وجود رؤية استثمارية واضحة.
مع استمرار هذه الأزمات، يبقى السؤال الأهم: هل تتحول رؤية 2030 إلى عبء اقتصادي يُثقل كاهل السعودية بدلًا من أن تكون بوابة نحو المستقبل؟