قصور بن سلمان في نيوم تقترب من الاكتمال.. و”ذا لاين” لا تزال سرابًا إعلاميًا

قصور بن سلمان في نيوم تقترب من الاكتمال.. و”ذا لاين” لا تزال سرابًا إعلاميًا

السعودية

في الوقت الذي تكافح فيه مدينة “ذا لاين” لإثبات وجودها على أرض الواقع، كشفت لقطات الأقمار الصناعية شبه اكتمال مجمع قصور محمد بن سلمان في مشروع نيوم، ما يعزز المخاوف من أن نيوم ليست سوى مشروع نخبوي يخدم الطبقة الحاكمة، بينما تظل وعود التنمية والتكنولوجيا مجرد دعاية إعلامية بلا تنفيذ حقيقي.

هذا التناقض الصارخ بين التقدم السريع في بناء المجمعات الفاخرة لولي العهد وحاشيته، مقابل التأخير المستمر في المشاريع التي يُفترض أن تفيد الشعب والمستثمرين، يثير تساؤلات جدية حول أولويات النظام السعودي ومدى جدية رؤية 2030 في تحقيق وعودها المزعومة.

“ذا لاين”.. مدينة المستقبل أم مجرد خدعة تسويقية؟

منذ الإعلان عن “ذا لاين” في 2021، تم الترويج لها باعتبارها أكبر ثورة عمرانية في العالم، مدينة مستقبلية تمتد على 170 كيلومترًا بدون سيارات، ولا انبعاثات كربونية، وبتقنيات ذكاء اصطناعي متطورة. لكن بعد ثلاث سنوات، لا تزال المدينة غير موجودة عمليًا، ولم تظهر أي معالم حقيقية على الأرض.

لقطات الأقمار الصناعية تُظهر أعمال بناء متفرقة، دون أي دليل على التقدم في المشروع العملاق الذي يُفترض أن يكون جاهزًا جزئيًا بحلول 2030.

مقاولون ومهندسون أكدوا في تقارير مسربة أن الجدول الزمني لبناء “ذا لاين” غير واقعي على الإطلاق، وأن المشروع يواجه مشاكل هندسية وتمويلية ضخمة.

قصور ابن سلمان.. الأولوية للعائلة الحاكمة؟

بينما تتباطأ “ذا لاين”، فإن مجمع القصور الفاخرة لمحمد بن سلمان في نيوم يقترب من الاكتمال بسرعة مذهلة.

الأقمار الصناعية أظهرت بناء العديد من الفيلات الفاخرة، والمجمعات الخاصة، والموانئ، والمرافق الترفيهية، وكلها مخصصة لولي العهد والنخبة الحاكمة.

تم تجهيز القصور بأحدث التقنيات والرفاهيات، بينما لا تزال مشاريع الإسكان والتنمية التي وُعد بها الشعب السعودي في مراحلها الأولية.

هذه الأولويات تعكس كيف أن نيوم ليست مشروعًا لخدمة المواطنين أو الاستثمار الأجنبي، بل منطقة مخصصة للنخبة السياسية، مع استخدام شعارات الحداثة لجذب الانتباه الإعلامي.

المحلل السياسي مارك دوبسون يعلق قائلًا:

 “الحكومة السعودية تروج لمشاريع مثل ذا لاين لجذب الاستثمار الدولي، بينما في الواقع يتم استغلال مليارات الدولارات لإنشاء قصور ومنتجعات حصرية للنخبة الحاكمة. هذا ليس تطويرًا اقتصاديًا، بل مجرد استغلال للمال العام.”

مشاكل تمويلية وأولويات خاطئة.. هل تنهار نيوم قبل أن تبدأ؟

المشروع الذي تم تقديمه على أنه “مدينة المستقبل”، يعاني من مشاكل تمويلية ضخمة، حيث يتطلب تنفيذ “ذا لاين” ميزانية تتجاوز التريليون دولار.

الاقتصاد السعودي لا يستطيع تحمّل هذه التكاليف دون اللجوء إلى الاستدانة أو رفع الضرائب، مما يزيد الضغوط على المواطنين.

صندوق الاستثمارات العامة، الذي يُفترض أن يمول المشروع، بدأ يواجه تحديات في تأمين الاستثمارات اللازمة، حيث يفضل المستثمرون الأجانب الابتعاد عن مشاريع غير مضمونة العائد.

ارتفاع أسعار الفائدة عالميًا يجعل الاقتراض لتمويل المشروع أكثر تكلفة، مما قد يؤدي إلى تقليص نطاق “ذا لاين” أو حتى إلغائه في مراحل لاحقة.

هل نيوم مشروع اقتصادي أم أداة سياسية؟

من الواضح أن نيوم لم تعد مشروعًا اقتصاديًا يهدف إلى تحقيق عوائد استثمارية، بل تحولت إلى أداة سياسية بيد محمد بن سلمان، تُستخدم لتلميع صورته داخليًا وخارجيًا.

الترويج الإعلامي المستمر للمشروع، رغم انعدام التقدم الفعلي، يعكس رغبة النظام السعودي في تقديم صورة حديثة عن المملكة، حتى لو لم تكن تعكس الواقع.

يتم استخدام نيوم كأداة لجذب الاهتمام العالمي بعيدًا عن القضايا الحساسة مثل انتهاكات حقوق الإنسان، والقيود المفروضة على المعارضة، والفساد المالي داخل الأسرة الحاكمة.

تركيز الحكومة على بناء القصور الفاخرة لابن سلمان، بينما المشاريع الفعلية للشعب تتعثر، يوضح أن أولويات القيادة السعودية بعيدة كل البعد عن التنمية الحقيقية.

المحلل السياسي أندرو كريستوف يرى أن:

 “نيوم لم تكن يومًا مشروعًا اقتصاديًا جادًا، بل هي مجرد وسيلة لمحمد بن سلمان ليقدم نفسه كقائد مستقبلي. الواقع على الأرض يكشف أن الأولوية ليست للمواطنين، بل للنخبة السياسية التي تستفيد من هذه المشاريع.”

 قصر ابن سلمان أولًا.. والبقية دعاية إعلامية

بينما تستمر الدعاية الضخمة حول “ذا لاين” ونيوم كمستقبل السعودية، تُظهر الحقائق أن الأولوية الحقيقية هي بناء مجمعات القصور الفاخرة لمحمد بن سلمان ودائرته المقربة.

“ذا لاين” لا تزال مجرد مخططات وعروض دعائية، بينما القصور الفخمة في نيوم تقترب من الاكتمال.

المواطن السعودي لم يحصل على أي فائدة ملموسة من هذه المشاريع، بل أصبح يدفع الثمن من خلال التقشف وزيادة الضرائب والرسوم.

السعودية تواجه تحديات اقتصادية متزايدة، ومع ذلك، يتم إنفاق المليارات على مجمعات النخبة بدلاً من التركيز على مشاريع تحقق عوائد حقيقية للدولة.

ويبقى السؤال الأهم: هل سينتهي الأمر بنيوم كمجرد ملاذ للنخبة السعودية، بينما تتحول “ذا لاين” إلى واحد من أكبر الإخفاقات في تاريخ المشاريع العملاقة؟

شارك المقالFacebookXEmailWhatsAppLinkedIn
اترك تعليقاً