في ضربة جديدة للاقتصاد السعودي، أعلنت شركة أرامكو عن تراجع أرباحها لعام 2024 بنسبة 12.39% مقارنة بالعام السابق، حيث بلغت الأرباح 398.42 مليار ريال. هذا الانخفاض، الذي تحاول الحكومة السعودية التقليل من أهميته، يعد مؤشرًا خطيرًا على أن اقتصاد المملكة بدأ يعاني من آثار سياسات محمد بن سلمان الفاشلة، وأن “رؤية 2030” قد تتحول إلى عبء اقتصادي أكثر من كونها مشروعًا للتنمية.
لماذا انهارت أرباح أرامكو؟
الحكومة السعودية تحاول الترويج لفكرة أن التراجع في الأرباح سببه تقلبات سوق النفط، لكن الحقيقة أن أرامكو تدفع ثمن السياسات الاقتصادية المرتبكة، وقرارات محمد بن سلمان غير المدروسة، التي جعلت المملكة أكثر هشاشة أمام أي تغيرات في السوق العالمية
1. انخفاض أسعار النفط عالميًا
تراجعت أسعار النفط خلال عام 2024 بسبب التباطؤ الاقتصادي العالمي، وتراجع الطلب من الدول الكبرى مثل الصين والهند.
السياسات النقدية المتشددة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنوك المركزية الأوروبية ساهمت في تباطؤ الاستهلاك، مما أدى إلى ضغط على أسعار النفط.
2. ارتفاع تكلفة الإنتاج وتأثيرات تحول الطاقة
مع زيادة القيود البيئية عالميًا، اضطرت أرامكو إلى الاستثمار في تقنيات الحد من الانبعاثات ومشاريع الطاقة المتجددة، مما زاد من تكاليف التشغيل دون تحقيق أرباح ملموسة.
الالتزام بمعايير بيئية أكثر صرامة، إضافة إلى الاستثمارات الضخمة في تطوير مشاريع الهيدروجين والطاقة المتجددة، زاد من الأعباء المالية للشركة.
الشركات الكبرى حول العالم بدأت في تقليل اعتمادها على النفط، مما يعني أن الطلب المستقبلي قد يكون أقل مما كانت تتوقعه السعودية.
3. تزايد الضغوط المالية على الحكومة السعودية
الحكومة السعودية تعتمد بشكل رئيسي على أرامكو لتمويل ميزانيتها، ومع ارتفاع الإنفاق على مشاريع رؤية 2030، ارتفع الضغط على الشركة.
بيع جزء من أسهم أرامكو في الأسواق الدولية لتوفير السيولة، أثر على قيمة الشركة في السوق، خاصة مع مخاوف المستثمرين من مدى استدامة العوائد النفطية على المدى الطويل.
ماذا يعني هذا التراجع للاقتصاد السعودي؟
تراجع أرباح أرامكو ليس مجرد مشكلة تخص الشركة، بل هو ضربة مباشرة للاقتصاد السعودي بأكمله، الذي لا يزال يعتمد بشكل أساسي على عائدات النفط.
1. زيادة العجز في الميزانية.. بداية أزمة مالية؟
المملكة تعتمد على أرباح أرامكو لتمويل ميزانيتها، ومع هذا التراجع، فإن الحكومة ستواجه صعوبة في تغطية نفقاتها.
رغم وعود “رؤية 2030” بتنويع مصادر الدخل، لا تزال القطاعات غير النفطية غير قادرة على تعويض أي انخفاض في الإيرادات النفطية.
2. الضرائب الجديدة على المواطنين.. من يدفع الثمن؟
مع تراجع أرباح النفط، ستتجه الحكومة إلى زيادة الضرائب والرسوم على المواطنين لتعويض النقص، مما سيؤدي إلى تفاقم الضغوط الاقتصادية على الشعب.
زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 15% كانت البداية، ولكن في ظل الوضع الحالي، قد نشهد مزيدًا من الضرائب على الدخل، العقارات، والخدمات العامة.
3. المشاريع الكبرى في خطر.. هل تنهار رؤية 2030؟
تراجع أرباح أرامكو يعني أن تمويل مشاريع نيوم، ذا لاين، والقدية قد يصبح أكثر صعوبة، مما قد يؤدي إلى تأجيلها أو تقليص حجمها.
مستثمرو القطاع الخاص بدأوا في فقدان الثقة بالمشاريع السعودية، خاصة مع التقارير التي تشير إلى مشاكل تمويلية وتأخيرات كبيرة في التنفيذ.
في النهاية، قد تتحول “رؤية 2030” إلى مجرد شعار إعلامي فارغ، بينما تظل المملكة تعتمد على النفط كالمعتاد.
هل يستطيع محمد بن سلمان إنقاذ الاقتصاد؟
السؤال الأهم الآن هو: هل لدى الحكومة السعودية خطة بديلة لمواجهة هذا التراجع في أرباح النفط؟
حتى الآن، لا يبدو أن هناك أي خطة اقتصادية واضحة، بل مجرد مزيد من القروض والاستثمارات غير المدروسة.
بيع أسهم أرامكو في الأسواق الدولية لجمع الأموال قد يوفر سيولة مؤقتة، لكنه يضعف سيطرة المملكة على الشركة، ويجعلها أكثر عرضة لتقلبات السوق.
إذا استمرت هذه السياسات، فقد تجد السعودية نفسها أمام أزمة اقتصادية حقيقية، حيث لا النفط قادر على تمويل المشاريع، ولا المشاريع قادرة على تحقيق الاستدامة المالية.
المحلل السياسي أندرو كريستوف يرى أن:
“السعودية راهنت على مشاريع كبرى لتحقيق التنويع الاقتصادي، لكن مع تراجع أرباح النفط، تصبح هذه المشاريع عبئًا ماليًا أكثر من كونها استثمارًا ناجحًا. إذا لم تكن هناك خطط بديلة، فإن الاقتصاد السعودي قد يواجه أزمات أكثر تعقيدًا.”
هل دخلت السعودية مرحلة الانهيار الاقتصادي؟
تراجع أرباح أرامكو ليس مجرد تغير طبيعي في السوق، بل هو علامة على أن الاقتصاد السعودي بدأ يواجه تحديات حقيقية بسبب السياسات الفاشلة لمحمد بن سلمان.
رهان السعودية على رفع أسعار النفط عبر خفض الإنتاج لم ينجح، بل جعلها تفقد حصتها في السوق لصالح دول أخرى.
مشاريع رؤية 2030 تستهلك مليارات الدولارات دون أي عائد واضح، مما يزيد الضغط على الموارد المالية للدولة.
مع تراجع العائدات النفطية، فإن الحكومة ستلجأ إلى الضرائب والاقتراض، مما سيزيد من الأعباء على المواطنين والشركات.
ويبقى السؤال الأهم: هل أرامكو ستظل العمود الفقري للاقتصاد السعودي، أم أن المملكة ستجد نفسها مضطرة إلى إعادة النظر في نموذجها الاقتصادي بالكامل؟