في حملة دعائية جديدة تضاف إلى سجل الكذب الإعلامي السعودي، نشرت وسائل الإعلام الرسمية في المملكة أخبارًا تدّعي أن جامعة الملك فيصل تصدرت التصنيف العالمي للأكاديمية الوطنية للمخترعين (NAI) لعام 2024، متجاوزة بذلك الجامعات الرائدة عالميًا مثل MIT، هارفارد، وجامعة كاليفورنيا، بعد حصولها على 631 براءة اختراع.
فريق (لا نيوم) تتبع الخبر والنتيجة هي أنه ليس أكثر من كذبة جديدة، حيث أن الأكاديمية الوطنية للمخترعين لم تصدر أي تقرير رسمي لعام 2024 حتى الآن، كما أن التصنيف الأخير لعام 2023 يُظهر أن جامعة الملك فيصل لم تكن في المركز الأول، بل جاءت في المرتبة 23 عالميًا بعدد 107 براءات اختراع فقط وهو مركز جيد بالتأكيد، لكن النظام السعودي لم يقبل به كونه لا يضع النظام في أول الصفوف حتى ولو بالكذب.
هذا التقرير يكشف كيف قامت وسائل الإعلام السعودية بالتلاعب بالمعلومات، ونسبت أرقامًا وهمية إلى جامعة الملك فيصل في محاولة لصناعة إنجاز مزيف يتماشى مع الدعاية الحكومية.
الحقيقة مقابل الكذب: ماذا يقول التصنيف الرسمي؟
الأكاديمية الوطنية للمخترعين (NAI) هي الجهة الرسمية التي تصدر تصنيف أفضل 100 جامعة عالمية في مجال براءات الاختراع المسجلة في مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع.
وفقًا لآخر تصنيف رسمي منشور لعام 2023، جاءت جامعة الملك فيصل في المركز 23 عالميًا فقط، بعدد 107 براءات اختراع، متأخرة عن العديد من الجامعات العالمية الأخرى.

حتى هذه اللحظة، لم تصدر الأكاديمية أي تقرير لعام 2024، مما يعني أن الخبر الذي نشره الإعلام السعودي لا يستند إلى أي مصدر رسمي أو إعلان موثق.
الرقم الذي تم الترويج له، 631 براءة اختراع، ليس إنجازًا لجامعة الملك فيصل، بل هو عدد براءات الاختراع الذي حققته جامعة كاليفورنيا عندما جاءت في المركز الأول عالميًا في أحد التصنيفات السابقة. يبدو أن الإعلام السعودي قام بإعادة استخدام هذا الرقم من مصادر قديمة، ثم قدمه على أنه إنجاز سعودي، متناسيا أن كشف هذه الكذبة هو أمر ليس بالعسير.
https://www.ucf.edu/news/ucf-moves-up-in-ranking-of-top-100-universities-worldwide-for-securing-patents/#:~:text=The%20University%20of%20California%20system,also%20ranked%20on%20the%20list

كيف بدأت الحملة الإعلامية المضللة؟
وسائل الإعلام السعودية، وعلى رأسها وكالة الأنباء السعودية (SPA)، نشرت خبرًا مفاده أن جامعة الملك فيصل حصلت على المركز الأول عالميًا في تصنيف الأكاديمية الوطنية للمخترعين.
وسرعان ما انتشرت هذه الرواية عبر الصحف المحلية مثل “أخبار 24”، وحسابات التواصل الاجتماعي الموالية للحكومة، حيث تم الترويج لها على نطاق واسع باعتبارها إنجازًا علميًا استثنائيًا يعكس نجاح رؤية 2030 في مجال الابتكار والتكنولوجيا.
لكن عند العودة إلى التصنيفات الأكاديمية الرسمية، لم نجد أي دليل يدعم هذه الادعاءات، مما يؤكد أن الإعلام السعودي اختلق هذا الإنجاز في محاولة لصناعة صورة زائفة عن التقدم العلمي في المملكة.
لماذا يلجأ النظام السعودي إلى الأكاذيب الإعلامية؟
تزييف الحقائق ونشر الدعاية الكاذبة ليس جديدًا في الإعلام السعودي، بل هو سياسة ممنهجة يستخدمها النظام السعودي لتلميع صورته وإخفاء فشله الداخلي.
هناك عدة أسباب تدفع النظام إلى تلفيق مثل هذه الأخبار أولها أن النظام السعودي بقيادة الفتى المراهق محمد بن سلمان فشل حتى اللحظة في تحقيق أي إنجاز حقيقي ملموس يوافق وعوده التي طالما تشدق بها في كل مناسبة، وعلى الرغم من كون المملكة دولة غنية للغاية إلا أن الشعب في قطاع ليس بقليل منه يعاني من أزمات اقتصادية متفاقمة، ففي الوقت الذي ترتفع فيه البطالة، والضرائب، وتكاليف المعيشة، يلجأ النظام إلى خلق إنجازات وهمية لتشتيت الانتباه عن الأوضاع المتدهورة.
كذلك يحاول النظام عبثا أن يجذب الاستثمارات الأجنبية حيث يحاول بن سلمان تقديم السعودية كمركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا، لكن الحقائق على الأرض تظهر أنها لا تزال تعتمد على النفط ولم تحقق أي اختراق حقيقي في مجال البحث العلمي والتطوير التقني، وان أنفقت على ذلك مليارات الدولارات فهي لم تضع قدمها بعد على الطريق، ولا يعني امتلاك مراكز أبحاث وشراء مشاريع تقنية عملاقة أن السعودية صارت رائدة في هذا المجال، ولن يراها العالم إلا في الصورة النمطية للثري الساذج الذي يسعى لامتلاك كل شيء حتى وإن لم يدرك قيمته أو يكن قادرا على استغلاله.
كما أن الإعلام الممول بشراهة الذي فشل خلال سنوات في تحسين صورة محمد بن سلمان عالميًا بعد سنوات من القمع السياسي، وجرائم القتل السياسي مثل اغتيال جمال خاشقجي، يحاول عبثا إعادة تسويق ولي العهد داخليا كقائد تقدمي يقود نهضة علمية، لكن الأدلة تشير إلى أن الإنجازات التي يتم الترويج لها ليست سوى أوهام إعلامية.

أكاذيب سابقة في مجال البحث العلمي
هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها التلاعب بالتصنيفات الأكاديمية لصناعة إنجازات زائفة.
• في عام 2022، تم الكشف عن تلاعب جامعة الملك عبدالعزيز في تصنيفها العالمي عبر توظيف أكاديميين أجانب “على الورق فقط”، مما أدى إلى رفع تصنيفها بشكل مصطنع.
• في 2021، تم رصد محاولات لشراء براءات اختراع أجنبية، وإعادة تسجيلها على أنها سعودية، لتضخيم أرقام الابتكار في المملكة.
• تم الكشف عن نشر مئات الأبحاث السعودية في مجلات علمية ضعيفة المستوى فقط لزيادة عدد المنشورات، دون تحقيق أي فائدة علمية حقيقية.
هذه الاستراتيجيات ليست سوى محاولات لتضليل العالم حول حقيقة التقدم العلمي في السعودية، بينما الواقع يشير إلى أن المملكة لا تزال متأخرة عن الركب العالمي في مجال البحث والتطوير، والحقيقة الأهم أنه لا تقدم حقيقي في مناخ البحث العلمي والتكنولوجيا الحديثة في ظل نهج قمعي متطرف يخنق الحريات، ويحارب تنفس الشعب إذا لفظ بحرف ليس على هوى النظام.

الخلاصة: الأكاذيب الإعلامية لن تبني اقتصادًا حقيقيًا
ما حدث مع جامعة الملك فيصل هو دليل إضافي على أن الإعلام السعودي ليس سوى أداة دعائية بيد النظام، تُستخدم لنشر الأكاذيب وصرف الانتباه عن الفشل الداخلي.
• لا يوجد أي دليل رسمي يؤكد أن جامعة الملك فيصل تصدرت تصنيف الأكاديمية الوطنية للمخترعين لعام 2024.
• الأرقام التي استخدمها الإعلام السعودي مأخوذة من تصنيفات سابقة لجامعة كاليفورنيا، ولم تحققها أي جامعة سعودية.
• الترويج لإنجازات وهمية لن يخفي حقيقة أن السعودية لا تزال متأخرة علميًا، وتعتمد على استيراد التكنولوجيا بدلًا من إنتاجها.
في النهاية، يمكن للإعلام السعودي أن يفبرك الأرقام كما يشاء، لكن الحقيقة العلمية لا يمكن تزييفها إلى الأبد.
السؤال المطروح: كم من الأكاذيب الإعلامية الأخرى لا تزال غير مكشوفة؟