في السنوات الأخيرة، شهد الدوري السعودي للمحترفين طفرة غير مسبوقة في حجم الاستثمارات المالية، حيث أنفقت الأندية السعودية، المدعومة بشكل مباشر أو غير مباشر من الحكومة وصندوق الاستثمارات العامة، مليارات الدولارات لجذب نجوم عالميين من الدوريات الأوروبية الكبرى. ورغم ما يعتبره البعض خطوة لتعزيز مكانة السعودية على الساحة الرياضية العالمية، إلا أن هذه الإنفاقات الفلكية تثير تساؤلات حول الأولويات الاقتصادية في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يواجهها كثير من المواطنين السعوديين.
قائمة المحتوى
رواتب خيالية للاعبين الأجانب
استقطبت الأندية السعودية نجومًا عالميين بعقود مالية ضخمة جعلت الدوري السعودي من بين الأعلى في الرواتب على مستوى العالم. على سبيل المثال:
- البرتغالي كريستيانو رونالدو وقع مع نادي النصر عقدًا يقدر بـ 200 مليون يورو سنويًا، وهو رقم يتجاوز ميزانيات دول صغيرة.
- الفرنسي كريم بنزيما حصل على راتب سنوي يصل إلى 100 مليون يورو عند انتقاله إلى نادي الاتحاد.
- البرازيلي نيمار دا سيلفا انتقل إلى الهلال مقابل 160 مليون يورو سنويًا، رغم غيابه المتكرر بسبب الإصابات.
هذه الرواتب لا تشمل الحوافز والإعلانات والامتيازات الفاخرة التي تمنحها الأندية للاعبين، مثل القصور الفخمة والطائرات الخاصة، مما يجعل التكلفة الإجمالية أكبر بكثير.
التفاوت الصارخ.. أزمة اقتصادية يعيشها المواطنون
في المقابل، يعاني الكثير من السعوديين من أوضاع اقتصادية متدهورة، حيث تشير التقارير الاقتصادية إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، وازدياد البطالة، ووجود شريحة كبيرة من المواطنين الذين يعانون من الفقر أو محدودية الدخل.
- وفقًا لتقارير اقتصادية، فإن 20% من السعوديين يعيشون تحت خط الفقر، مع صعوبة في تلبية احتياجاتهم الأساسية مثل السكن والرعاية الصحية والتعليم.
- رغم الإصلاحات الاقتصادية في إطار “رؤية 2030″، فإن العديد من المواطنين يشكون من ارتفاع أسعار السلع الأساسية والإيجارات بشكل يفوق قدرتهم الشرائية.
- في الوقت الذي يتقاضى فيه لاعب أجنبي راتبًا يصل إلى أكثر من مليون ريال يوميًا، هناك أسر سعودية بالكاد تجد مصدر دخل يكفي لمعيشتها الشهرية.
الإنفاق الرياضي مقابل احتياجات المجتمع
تتبنى الحكومة السعودية سياسة إنفاق ضخمة على الرياضة والترفيه ضمن خططها لتعزيز مكانة المملكة عالميًا، إلا أن هذه الأولويات تأتي على حساب قطاعات حيوية أخرى مثل الصحة، التعليم، والإسكان.
- في عام 2023، بلغت قيمة العقود الممنوحة للاعبين الأجانب أكثر من 6 مليارات دولار، وهو مبلغ كان يمكن استثماره في تحسين الخدمات العامة، وبناء مساكن ميسورة التكلفة، وتوفير وظائف للشباب العاطلين.
- بينما تدعم الحكومة الأندية بسخاء، يعاني السعوديون من فرض ضرائب جديدة وزيادة أسعار الكهرباء والوقود، ما يثقل كاهل الأسر محدودة الدخل.
ردود فعل المجتمع
أثارت هذه التناقضات استياء شريحة واسعة من السعوديين، حيث امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بانتقادات للإنفاق المفرط على كرة القدم في وقت يعاني فيه الكثير من المواطنين من ظروف اقتصادية صعبة.
- اعتبر بعض المغردين أن هذه الأموال تصب في صالح الترويج العالمي لصورة السعودية بدلاً من تحسين أوضاع شعبها.
- يرى آخرون أن هذه الاستثمارات لا تحقق عوائد اقتصادية مباشرة على المواطن العادي، بل تخدم فقط النخبة والمستفيدين من الاستثمارات الضخمة في الرياضة.
رغم أن استقطاب نجوم عالميين يعزز من سمعة الدوري السعودي، إلا أن التفاوت الصارخ بين رواتب اللاعبين الفلكية ومعاناة شريحة واسعة من السعوديين يثير جدلًا واسعًا حول أولويات الحكومة في إنفاقها العام. يبقى السؤال الأهم: هل يستحق دوري كرة القدم أن يُمول بهذه المبالغ الضخمة بينما يواجه المواطن البسيط صعوبات في تأمين حياته اليومية؟