20 مليون من خزينة الشعب.. كيف يحوّل بن سلمان الرياضة إلى وسيلة لإهدار المال العام؟

20 مليون من خزينة الشعب.. كيف يحوّل بن سلمان الرياضة إلى وسيلة لإهدار المال العام؟

بينما يئن الاقتصاد السعودي تحت وطأة العجز المالي، والبطالة، وغلاء المعيشة، تخرج الدولة بعرضٍ جديد للاعب كرة قدم بقيمة 20 مليون ريال سنويًا، وكأن الأزمة لا تعني أحدًا. العرض المُغري لسالم الدوسري من نادي نيوم لمزاملة أحمد حجازي لا يُفهم إلا في سياق الهوس السلطوي لولي العهد محمد بن سلمان باستخدام الرياضة كأداة سياسية وإعلامية لتلميع صورته عالميًا، ولو على حساب مستقبل ملايين المواطنين. فهل تحوّل الاستثمار الرياضي في المملكة إلى عبء اقتصادي، أم وسيلة لتبييض السياسات القمعية داخليًا والخارجية الكارثية؟

نيوم تُغري سالم الدوسري: صفقة ترف تثير الجدل

تلقّى قائد نادي الهلال والمنتخب السعودي، سالم الدوسري، عرضًا ضخمًا من نادي نيوم، أحد الأندية المدعومة حكوميًا والمرتبطة بمشروع مدينة نيوم العملاق، بقيمة 20 مليون ريال سعودي سنويًا. ويأتي هذا العرض في الوقت الذي يسعى فيه النادي للصعود إلى دوري المحترفين، ويضم في صفوفه النجم المصري أحمد حجازي.

لكن الأرقام هنا ليست مجرد تفاصيل صفقة رياضية. بل هي مؤشر على النهج الذي تتبعه الدولة في ضخ الأموال بشكل مكثف في قطاع ترفيهي، بينما تُهمل القطاعات الحيوية التي تمسّ حياة المواطنين اليومية.

نيوم.. من حلم اقتصادي إلى مهرجان رياضي باهظ

مشروع نيوم، الذي رُوّج له في البداية كواجهة الابتكار والتكنولوجيا والاستدامة في الشرق الأوسط، يتحول تدريجيًا إلى مركز للاستعراض الرياضي. من استقطاب لاعبين إلى مشاريع ملاعب، ومن إنشاء أندية إلى تنظيم مباريات، تُستخدم نيوم كمنصة لإظهار “التغيير” المزعوم، بينما الواقع على الأرض لا يعكس أي مردود اقتصادي فعلي لهذه التوجهات.

محمد بن سلمان: حين تصبح الرياضة ستارًا للسيطرة والصرف السياسي

لا يمكن فصل هذه الصفقة، ولا غيرها، عن السياق السياسي الذي يرعاه محمد بن سلمان. ولي العهد، الذي يواجه انتقادات دولية واسعة بسبب القمع السياسي والانتهاكات الحقوقية، يحاول جاهدًا استخدام كرة القدم والفعاليات الترفيهية الكبرى كواجهة لتلميع صورته على المسرح العالمي.

صفقة سالم الدوسري تندرج ضمن سلسلة من الإنفاقات غير المنضبطة التي شملت: صفقات لاعبين أجانب بمئات الملايين، تنظيم فعاليات الفورمولا، المصارعة الحرة، والفعاليات الغنائية الضخمة مدفوعة من صندوق الاستثمارات العامة، أي من أموال الشعب.

لا أحد يعارض الاستثمار في الرياضة. بل إن تطوير الرياضة ضرورة وطنية وصحية. لكن حين تصبح مجرد أداة لصرف الأنظار عن السياسات القمعية، ويتم توجيه المليارات إلى صفقات فردية على حساب قطاعات أخرى، فإن الرياضة تفقد معناها وتتحول إلى غطاء سياسي لا أكثر.

صندوق الاستثمارات العامة: تمويل للترف لا للتنمية

أُنشئ صندوق الاستثمارات العامة من أجل تنويع الاقتصاد، وتحقيق الاستدامة المالية. لكن الواقع يكشف أن الصندوق تحول إلى خزينة مفتوحة لتمويل التلميع السياسي، والإنفاق على مشاريع دون دراسة جدوى واضحة. وما الصفقة المعروضة على سالم الدوسري سوى نموذج من عشرات الصفقات التي تُمنح دون شفافية أو رقابة شعبية أو برلمانية.

أين المواطن من كل هذا؟

في بلد يعاني من أزمة سكن متفاقمة، وارتفاع أسعار أساسية، وتراجع التعليم والخدمات الصحية، تثير هذه الأرقام غضبًا متصاعدًا في أوساط الشباب، خاصة أن أكثرهم لا يحظى بفرص رياضية، ولا حتى ملاعب محلية. فأين هي التنمية الرياضية الشاملة؟ ولماذا لا تُصرف هذه الأموال على الأكاديميات أو تطوير الرياضة النسائية، أو دعم الأندية المحلية التي تكافح للبقاء؟

  • صندوق الاستثمارات ضخ أكثر من 100 مليار ريال في قطاع الترفيه والرياضة خلال ثلاث سنوات فقط.

  • البطالة في صفوف الشباب السعودي تقفز مجددًا إلى أكثر من 13% حسب الإحصاءات الرسمية في 2024.

  • عشرات الملاعب في المحافظات ما تزال مغلقة أو غير مؤهلة، بينما تصرف 20 مليونًا سنويًا على لاعب واحد.

الكرة في ملعب الشعب: من يدفع ثمن هوس التلميع بالريال؟

الصفقة المعروضة على سالم الدوسري، وغيرها من الصفقات والفعاليات الترفيهية، تكشف توجهًا خطيرًا في عقلية السلطة السعودية: إنفاق المال العام لتلميع صورة السلطة لا لتحسين حياة المواطن. الكرة اليوم في ملعب الشعب والمجتمع الدولي، للمطالبة بالشفافية، والمحاسبة، وإنهاء هذا العبث بالموارد. أما إن بقي الصمت، فإن الهدر سيتضاعف… والحساب سيفرضه المستقبل، لا الإعلام الرسمي.

شارك المقالFacebookXEmailWhatsAppLinkedIn
اترك تعليقاً