صندوق النقد يوجه ضربة جديدة لرؤية 2030.. خفض توقعات النمو في السعودية وسط تحديات نفطية وهيكلية

صندوق النقد يوجه ضربة جديدة لرؤية 2030.. خفض توقعات النمو في السعودية وسط تحديات نفطية وهيكلية

في انتكاسة جديدة لمساعي المملكة العربية السعودية لتحقيق مستهدفات “رؤية 2030″، خفّض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي لعامي 2025 و2026، مشيرًا إلى تحديات مستمرة تشمل تعافي إنتاج النفط، وتباطؤ وتيرة الإصلاحات، وتصاعد التوترات الإقليمية.

وبحسب تقرير “آفاق الاقتصاد العالمي” الصادر عن الصندوق، جرى خفض تقديرات نمو الناتج المحلي للسعودية لعام 2025 إلى 3%، مقارنة بتوقعات سابقة بلغت 3.3%. كما قلّص الصندوق توقعاته لعام 2026 إلى 3.7%، بانخفاض 0.4 نقطة مئوية عن تقرير يناير.

تحديات إقليمية ونفطية تضعف الزخم

خفض التوقعات شمل أيضًا منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى الأوسع، حيث يتوقع أن يبلغ النمو في 2025 نحو 3%، مقابل 3.6% في التقديرات السابقة. وأرجع التقرير هذا التراجع إلى الاستئناف التدريجي لإنتاج النفط، واستمرار تداعيات النزاعات الجيوسياسية، وتباطؤ الإصلاحات الهيكلية.

وكان يُتوقع أن تحقق السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، قفزة اقتصادية في 2025 بدفع من زيادة الإنتاج النفطي. إذ رجحت توقعات سابقة لوكالة رويترز في أكتوبر أن يصل النمو إلى 4.4%. إلا أن تقلبات السوق وضعف الأسعار العالمية وضعا هذه التقديرات تحت التهديد.

نقاط القوة لا تخفي التحديات

رغم هذه الضغوط، يؤكد اقتصاديون أن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، ما زالت تتمتع بمرونة مالية نسبية بفضل احتياطيات مرتفعة، وانخفاض مستويات الدين العام، وتقدم نسبي في جهود تنويع الاقتصاد.

وفي مارس الماضي، رفعت وكالة “ستاندرد آند بورز” التصنيف الائتماني السيادي للسعودية إلى “A+”، مشيرة إلى مؤسسات مالية أقوى ونمو قوي في القطاعات غير النفطية ضمن استراتيجية “رؤية 2030”. لكنها في المقابل حذّرت من أن استمرار ضعف الإيرادات النفطية قد يؤدي إلى عجز مالي أوسع وتأجيل مشاريع البنية التحتية الكبرى.

تمويل العجز عبر أدوات الدين

بالتزامن مع هذا التراجع، كشفت مصادر مطلعة أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي تبلغ أصوله نحو 925 مليار دولار، يستعد لطرح إصدار جديد من الصكوك بقيمة تتراوح بين 1.5 و2 مليار دولار، في إطار مساعيه لتأمين تمويل إضافي وسط اضطرابات الأسواق العالمية، الناتجة عن السياسات التجارية الأميركية في عهد دونالد ترامب.

وكان الصندوق قد جمع بالفعل 11 مليار دولار من إصدارات ديون منذ بداية العام، ضمن توجه أوسع للمملكة نحو تمويل مشروعاتها عبر الأسواق الدولية، في ظل تصاعد الضغوط على الميزانية العامة.

فجوة التمويل البنكي تتسع

وفي السياق ذاته، توقعت وكالة “فيتش” أن ينمو الائتمان المصرفي في السعودية بنسبة تتراوح بين 12% و14% في عام 2025، مدفوعًا بزيادة وتيرة الإقراض مقارنة بنمو الودائع، مما أدى إلى اتساع فجوة التمويل، التي وصلت إلى 0.3 تريليون ريال (نحو 80 مليار دولار) في 2024.

وقد لجأت الشركات المملوكة للدولة إلى توسيع نشاط الاقتراض الخارجي لتمويل استحواذات ضمن سياسات خلق “أبطال وطنيين”، وهو ما قد يواجه تحديات جديدة مع ارتفاع تكاليف الاقتراض في الأسواق العالمية.

رؤية 2030 في مواجهة اختبار جديد

تأتي هذه التطورات في وقت حرج بالنسبة لخطة “رؤية 2030″، التي تراهن على تنويع مصادر الدخل وتقليص الاعتماد على النفط. غير أن المتغيرات الدولية وتباطؤ تنفيذ بعض الإصلاحات الهيكلية، قد تُعطّل تحقيق أهداف الخطة في الأفق الزمني المرسوم.

ومع تصاعد الضغوط الاقتصادية، باتت المملكة مطالبة بإعادة تقييم مزيجها المالي بين الإنفاق والاستدانة، لتفادي مخاطر تفاقم العجز أو تأجيل مشاريع استراتيجية تعتبر ركيزة في طموحات التحديث والتحول الاقتصادي.

شارك المقالFacebookXEmailWhatsAppLinkedIn
اترك تعليقاً