تواجه مشاريع رؤية 2030 في السعودية، وعلى رأسها مشروع “نيوم”، ضغوطاً متزايدة نتيجة شُح الموارد المالية وانخفاض أسعار النفط، ما أجبر السلطات على مراجعة خططها وتخفيض سقف التوقعات المتعلقة بتنفيذ بعض المشاريع العملاقة.
فقد كشفت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية أن الرئيس التنفيذي لمدينة “نيوم” أطلق مراجعة شاملة للمشروع، وسط مؤشرات واضحة على سياسة تقشفية جديدة تهدف إلى إعادة ترتيب الأولويات في ظل ما وصفه أحد المطلعين بـ”بيئة الموارد المحدودة”.
وتعد “نيوم” المشروع الأبرز في استراتيجية ولي العهد محمد بن سلمان للتحول الاقتصادي، والمفترض أن تقلل من اعتماد المملكة على عائدات النفط. وكان من المخطط أن تمتد المدينة المستقبلية على مساحة تعادل 33 ضعف مدينة نيويورك، وأن تضم مدينة خطية بطول 170 كلم تُعرف باسم “ذا لاين”.
لكن الأرقام الجديدة تعكس تقليصاً كبيراً في الطموحات، إذ تشير التوقعات الحالية إلى أن عدد السكان لن يتجاوز 300 ألف نسمة بحلول 2030، مقارنة بـ1.5 مليون في الخطة الأصلية، كما أن ما سيتم إنجازه من “ذا لاين” لن يتعدى 2.4 كلم فقط حتى نهاية العقد.
وتزامناً مع ذلك، شهدت بعض المشاريع الأخرى مثل منتجعات البحر الأحمر تقدماً محدوداً، في حين لا تزال مشاريع مثل منتجع التزلج الصحراوي – الذي كان من المزمع أن يستضيف دورة الألعاب الآسيوية الشتوية 2029 – بعيدة عن التنفيذ.
وتسعى السعودية إلى الترويج لنفسها كوجهة سياحية واستثمارية فاخرة، لكنها ما زالت تعتمد إلى حد كبير على إيرادات النفط لتمويل هذه الرؤية. إلا أن أسعار النفط شهدت انخفاضاً ملحوظاً، حيث هبط سعر خام برنت إلى 64.27 دولاراً للبرميل، ما يمثل انخفاضاً بنسبة 20% منذ بداية العام، وهو أقل بكثير من السعر المطلوب لتحقيق التوازن في ميزانية المملكة، والمقدر بـ90 دولاراً للبرميل وفق صندوق النقد الدولي.
ورغم قيادة الرياض لتحالف “أوبك+” وتقديمها تنازلات كبيرة عبر تقليص الإنتاج لدعم الأسعار، فإن دولاً أخرى مثل العراق والإمارات وكازاخستان رفعت من إنتاجها، ما فاقم الضغوط على السعودية. وفي خطوة مفاجئة في أبريل/نيسان، قررت المملكة زيادة الإنتاج لمعاقبة “المخالفين”، وفق تقديرات محللين.
من جهتها، حذرت شركة “جولدمان ساكس” في مذكرة لعملائها من تفاقم عجز الموازنة السعودية، ورجحت تقليصاً إضافياً في المشاريع الكبرى خلال الفترة المقبلة.
ويأتي ذلك في ظل تركيز القرار المالي والاستثماري في يد ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يدير صندوق الاستثمارات العامة دون رقابة مؤسسية أو برلمانية، ما يثير تساؤلات داخلية وخارجية بشأن فعالية الإدارة الاقتصادية للمملكة في ظل هذه المتغيرات العالمية المتسارعة.