8.5 مليار دولار لشراء الوهم: صندوق الاستثمارات العامة يرهن مستقبل المملكة لممولين أجانب

8.5 مليار دولار لشراء الوهم: صندوق الاستثمارات العامة يرهن مستقبل المملكة لممولين أجانب

مرة جديدة، يخرج النظام السعودي ليتباهى أمام الإعلام بـ”إنجاز” مالي مزعوم، هذه المرة عبر إصدار صكوك سيادية بقيمة 8.5 مليار دولار لصالح صندوق الاستثمارات العامة. النظام يقدم الخطوة كنجاح اقتصادي باهر، بينما الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك. نحن أمام مشهد متكرر من بيع الأوهام وشراء الوقت عبر الديون. فبدل أن يكون الصندوق أداة تنمية واستقلال اقتصادي، تحوّل إلى وسيلة بيد النظام لتمويل مغامرات فاشلة ومشاريع لا طائل منها، لا تخدم الشعب بل تخدم استعراض بن سلمان وشرائه للنفوذ السياسي والغطاء الدولي.

“صندوق بن سلمان أم صندوق الدولة؟”

من يتحكم اليوم بقرارات صندوق الاستثمارات؟ هل هي جهات اقتصادية مستقلة تخطط لمستقبل الشعب؟ أم هو محمد بن سلمان الذي يستخدم الصندوق كحصالة شخصية لتمويل أحلامه النرجسية، من نيوم إلى الاستحواذ على نوادٍ رياضية إلى التودد للشركات الغربية؟

الواقع أن كل خطوة يتخذها الصندوق مرتبطة مباشرة بقرارات فردية مركزية، لا تخضع لرقابة شعبية، ولا لشفافية مالية حقيقية. الصندوق لا يُدار كمؤسسة وطنية، بل كمكتب خاص تابع للديوان الملكي.

“أين العوائد؟”

في الوقت الذي تزعم فيه تصريحات النظام أن الصندوق “يقود تنمية مستدامة ويعزز الاقتصاد”، تظهر الأرقام صورة معاكسة تمامًا:

في 2023 فقط، ارتفعت ديونه إلى أكثر من 30 مليار دولار.

استثمارات خارجية خاسرة، منها استثمارات في شركات التكنولوجيا الأمريكية التي انهارت في السوق.

مشاريع وهمية مثل “ذا لاين” لا تزال حبرًا على ورق رغم مليارات الدولارات التي أُهدرت للترويج لها.

أين العوائد؟ أين الوظائف؟ لا شيء سوى ضجيج إعلامي بلا أساس.

“التمويل بالتلميع لا بالتنمية”

إصدار الصكوك لا يأتي ضمن خطة إصلاح اقتصادي جادة، بل في إطار هوس النظام بتلميع صورته أمام الخارج. فبدلًا من معالجة أسباب التراجع الاقتصادي، يستخدم النظام أدوات الدين كوسيلة لتجميل الكارثة، محاولًا خداع الأسواق الدولية بأن “الوضع تحت السيطرة”.

لكنّ الحقيقة أن التنمية لا تُشترى بالدين، بل تُبنى بسياسات رشيدة، وهو ما يفتقر إليه هذا النظام القائم على الفردانية والانفعال السياسي.

“الاقتراض كاستراتيجية هروب”

صندوق الاستثمارات، بدل أن يُستخدم لتقوية البنية التحتية أو دعم القطاعات المنتجة، بات يلجأ إلى الاقتراض لسد العجز في طموحات النظام. ما نراه ليس “تنويعًا للاقتصاد” كما يزعمون، بل هروبًا من مواجهة واقع الفشل.

عندما تفشل رؤية 2030 في خلق اقتصاد حقيقي، يلجأ النظام إلى أدوات الدين لتأجيل الانهيار، بينما تستمر آلة العلاقات العامة في ترويج “إنجازات” غير موجودة على الأرض.

“من يدفع الثمن؟”

من سيدفع ثمن هذه الصكوك؟ الممول الأجنبي لن يخسر، بل سيحصل على أرباحه وفوائده. لكن المواطن السعودي سيُثقل كاهله مستقبلًا بضرائب إضافية، رفع أسعار، وسياسات تقشفية.

الصندوق لا يستثمر لأجل المواطن، بل يقترض لينقذ وجه الحاكم أمام الإعلام الغربي.

“ديون مقابل صمت دولي”

التمويل الدولي لا يأتي بدون ثمن سياسي. الصكوك المصدرة هي أيضًا ثمن للصمت الغربي المتواطئ. فبينما تغرق المملكة في موجات من القمع وانتهاكات حقوق الإنسان، تصمت الدول الكبرى ما دامت الأرباح تتدفق.

باختصار: النظام يشتري الصمت الدولي بالصكوك، ويبيع الاستقلال الوطني بالتقسيط.

“المملكة تُباع بالتقسيط”

إصدار صكوك بمليارات الدولارات يعني أن أصول الدولة – وحتى مستقبلها – أصبحت رهينة للدائنين. هذا ليس تمويلًا للسيادة، بل بيع للسيادة على أقساط. كل صك جديد هو قطعة إضافية من “المملكة” تُرهن لممولين أجانب، بلا محاسبة أو شفافية.

“صندوق الاستنزاف لا الاستثمار”

صندوق الاستثمارات لم يعد أداة للنهوض بالاقتصاد، بل أصبح خزانًا يُستنزف في كل مغامرة سياسية أو مشروع فاخر لا جدوى منه. وحتى حين يتم توجيه الأموال داخليًا، فإنها تُضَخ في مشاريع ترفيهية أو إعلامية هدفها الترويج للسلطة لا تحسين حياة المواطن.

نظام بن سلمان يرهن البلد بالديون.. و”الصكوك” بداية الانهيار

الاقتراض ليس إنجازًا، والصكوك ليست انتصارًا. ما نشهده هو محاولة مكشوفة لإنقاذ صورة مهترئة، عبر تحميل الأجيال القادمة ديونًا ضخمة، فقط ليستمر النظام في سردية “رؤية 2030” الفاشلة.

المملكة لا تحتاج إلى صكوك، بل إلى مساءلة. لا تحتاج إلى مشاريع عملاقة بلا جدوى، بل إلى إصلاح حقيقي يضع المواطن في قلب الاقتصاد، لا على هامشه.

والحقيقة التي لا يريد النظام سماعها: كل صكوك جديدة تصدر، تقربنا أكثر من لحظة الانفجار المالي والسياسي. فكم صكًا نحتاج حتى ندرك أن هذه ليست تنمية.. بل خداع؟

شارك المقالFacebookXEmailWhatsAppLinkedIn
اترك تعليقاً