أوبك+ تفقد عقلها: بيان هزلي يكشف إفلاس سياسات النفط العالمية

أوبك+ تفقد عقلها: بيان هزلي يكشف إفلاس سياسات النفط العالمية

انتهت أوبك+ من التظاهر بالمسؤولية، ولم تعد بياناتها تقنع حتى أكثر الموالين لها. القرار الأخير بزيادة إنتاج النفط تحت ذريعة “أساسيات سوق صحية” لم يكن مجرد خطأ تقني أو اجتهاد اقتصادي، بل كان إهانة مكشوفة للعقول وللأسواق العالمية التي تعاني من فوضى غير مسبوقة.

الخبير الاقتصادي خافيير بلاس وصف بيان أوبك+ بـ”الهزلي”، لكن الواقع أن الموقف أسوأ من مجرد هزل؛ نحن أمام منظمة فقدت الحد الأدنى من المصداقية وأثبتت أنها تتحرك بعشوائية، خاضعة للضغوط، عاجزة عن رسم استراتيجية نفطية متماسكة.

من زيادة الإنتاج العبثية إلى التصريحات المزيفة عن استقرار السوق، تسير أوبك+ بسرعة نحو قاع لم تصل إليه من قبل: قاع التخبط العلني وانعدام الرؤية.

الزيادة الهزلية: هروب للأمام لا أكثر

بلاس، الذي لا يميل عادةً إلى المبالغات، أصاب كبد الحقيقة بوصفه لبيان أوبك+. فزيادة الإنتاج بـ411 ألف برميل يوميًا “في شهر واحد” لا تنم عن قراءة موضوعية لاحتياجات السوق، بل تعبر عن خضوع مذل لضغوط بعض الدول المتعثرة اقتصاديًا والتي تتوسل لرفع صادراتها بأي ثمن.

  • كيف تتحدث أوبك+ عن “أساسيات سوق صحية” والعالم بأسره يغرق في تباطؤ اقتصادي؟
  • النمو العالمي في تباطؤ ملحوظ.
  • الطلب على النفط يتراجع تدريجيًا مع اتجاه الاقتصادات الكبرى نحو الركود.
  • الأسواق المالية تعاني من أزمات متلاحقة تهدد بحدوث كساد عالمي.

وأمام هذه الحقائق، تختار أوبك+ زيادة الإنتاج، في تصرف يناقض أبسط قواعد إدارة السوق!

منظمة فقدت كل اتجاه: من الدفاع عن الأسعار إلى تسريع الانهيار

أوبك+ تأسست تاريخيًا لضبط توازن السوق ودعم أسعار النفط بما يحقق مصلحة المنتجين والمستهلكين على حد سواء. أما اليوم، فالوضع انقلب رأسًا على عقب:

  • المنظمة لم تعد تضبط شيئًا، بل تضيف إلى الفوضى فوضى جديدة.
  • الحديث عن “التحكم في السوق” أصبح نكتة سوداء لا يضحك عليها أحد.
  • كل قرار يصدر منها يزيد ارتباك الأسواق بدل أن يهدئها.

زيادة الإنتاج بهذا الشكل تعني ببساطة أن المنظمة إما تعيش حالة إنكار خطيرة للوضع الاقتصادي العالمي، أو أنها قررت التخلي نهائيًا عن دورها القيادي والركض خلف مصالح آنية على حساب المصلحة الكبرى.

هشاشة داخلية تفضح التخبط

القرارات العبثية الصادرة عن أوبك+ لم تأتِ من فراغ؛ بل هي انعكاس واضح للتصدعات والانقسامات بين أعضائها.

  • السعودية، التي يفترض أنها تقود المنظمة، تبدو عاجزة عن فرض انضباط حقيقي.
  • روسيا، المتورطة في حرب استنزاف مع الغرب، تدفع باتجاه زيادة الإنتاج لتخفيف أزماتها المالية.
  • دول صغيرة مثل نيجيريا وأنغولا تصرخ طلبًا لزيادة الحصص للخروج من مآزقها الاقتصادية.

هذه التباينات حولت أوبك+ من منظمة ذات أهداف واضحة إلى ساحة صراع مفتوحة، كل طرف فيها يسعى لتحقيق مصالحه الضيقة ولو على حساب انهيار السوق بأكملها.

تداعيات كارثية بانتظار الأسواق

زيادة الإنتاج الآن لا تعني سوى شيء واحد: صدمة جديدة في أسعار النفط، وخسائر ضخمة للمصدرين على المدى المتوسط والطويل.

الفائض النفطي المتوقع سيضغط على الأسعار نزولًا.

تآكل العوائد النفطية سيجبر العديد من الدول الخليجية والنامية على مزيد من الاقتراض.

الاستثمارات في الطاقة البديلة ستتسارع، ما يعني فقدان النفط التقليدي لجزء أكبر من حصته المستقبلية.

بمعنى آخر، أوبك+ لا تضرب الأسواق فقط، بل تضرب مستقبل أعضائها أنفسهم.

التبريرات البائسة: السوق بخير، والأسعار ستستقر؟

بينما العالم يترنح تحت الضغوط الاقتصادية، تصر أوبك+ على ترديد عبارات جوفاء عن “صحة السوق” و”استجابة للطلب العالمي”. من يصدق هذا الهراء؟

  • أوروبا تحذر من ركود اقتصادي عميق.
  • الصين، أكبر مستورد للطاقة، تشهد تباطؤًا واضحًا في نموها.
  • الولايات المتحدة نفسها تتحدث عن مخاطر ركود في 2025.

فأي “طلب قوي” هذا الذي تتحدث عنه المنظمة؟ وأي “أساسيات صحية” تبرر ضخ مئات الآلاف من البراميل الإضافية شهريًا؟

الواقع أن بيان أوبك+ الهزلي لا يستند إلى معطيات حقيقية، بل إلى محاولات يائسة لصناعة وهم مؤقت يخفي حقيقة الأزمة العميقة.

أوبك+ تسقط قناعها الأخير

بزيادة الإنتاج الهزلية، تكون أوبك+ قد سقطت أخلاقيًا واستراتيجيًا:

  • لم تعد ممثلًا للمنتجين الكبار، بل رهينة لمصالح متضاربة.
  • لم تعد تدير الأسواق بعقلانية، بل تدفعها نحو الهاوية.
  • فقدت ما تبقى لها من مصداقية أمام المستثمرين وصناع القرار العالميين.

تصريحات خافيير بلاس ليست مجرد نقد عابر؛ بل تلخيص حاد لحقيقة أن المنظمة تحولت إلى عبء على نفسها وعلى العالم بأسره.

متى تعترف أوبك+ بفشلها الكامل؟

قرار زيادة الإنتاج بهذه الطريقة المخزية يكشف أن أوبك+ أصبحت جزءًا من المشكلة وليست جزءًا من الحل.

المنظمة التي تأسست لضبط السوق تحولت إلى لاعب فوضوي لا يفقه شيئًا في إدارة الأزمات. وبينما تتوالى الأزمات الاقتصادية على العالم، تواصل أوبك+ دفن رأسها في الرمال وإصدار بيانات أقل ما يقال عنها إنها مهينة للمنطق والعقل.

والسؤال الذي لا مفر منه: متى تدرك أوبك+ أنها خسرت كل شيء — المصداقية، السيطرة، والقدرة على التأثير — وأن العالم بدأ يبحث فعليًا عن بدائل دائمة بعيدًا عن عبثها المزمن؟

شارك المقالFacebookXEmailWhatsAppLinkedIn
اترك تعليقاً