دلالات فشل رؤية 2030 (2) سياسات داخلية متهورة وهروب المُستثمرين

دلالات فشل رؤية 2030 (2) سياسات داخلية متهورة وهروب المُستثمرين

دلالات فشل رؤية 2030 (2) سياسات داخلية متهورة وهروب المُستثمرين
دلالات فشل رؤية 2030 (2) سياسات داخلية متهورة وهروب المُستثمرين

أثبتت الأعوام الماضية منذ أن طرح ولي العهد السعودي رؤيته 2030 لإعادة تشكيل الاقتصاد السعودي في شكل عصري لا يعتمد على النفط وحده كمصدر للدخل، أن الحكومة المملكة العربية السعودية تفتقر تماما لقيادة اقتصادية وسياسية على قدر المسؤولية، كما أنها تفتقر إلى مقومات القيادة القادرة على صنع نظام اقتصادي قادر على التنوع وعدم الاعتماد على النفط، تلك المؤهلات التي لا تتوفر مطلقا في الشاب عديم الخبرة ولي العهد. 

غياب مقومات ومؤهلات القيادة القادرة على مواجهة الأزمات ليست هي الأزمة الوحيدة في سياسات المملكة، فتلك الأزمة جاءت نتيجة طبيعية لفتح السجون على مصراعيها والزج بكل ذي همة ورؤية إصلاحية في زنازينها.

سياسة التهور الإداري للدولة التي يتبعها ولي العهد منذ أن تولى منصبه، شكلت سياسة غير مسبوقة في تاريخ المملكة، حيث أفقدت دائرة الحكم وأهل الحل والعقد في المملكة كافة المؤهلين للاستشارة واتخاذ القرار، وهو ما ظهر في توريط بن سلمان الدولة في حرب اليمن التي كبدتها خسائر مادية غير معهودة، وأحدثت أزمة إنسانية كبرى في اليمن، بعد قتل الآلاف وتجويع الملايين واضطرار مئات الآلاف من أهل اليمن إلى الهروب من البلاد بسبب نيران الحرب التي قضت على الأخضر واليابس في مناطقهم.

كذلك أحدث التهور السياسي لابن سلمان أزمة احتقان داخلية بعد اعتقال رموز المجتمع السعودي من الدعاة والسياسيين والاقتصاديين ونشطاء حقوق الإنسان والمجتمع بدون تهم، والزج بهم في غياهب السجون، وتعرضهم لمحاكمات ظالمة تفتقد إلى أبسط أسس العدالة.

الاعتقالات لم تقف عن أولئك، حيث تسبب التوسع في سياسة السجن والإرهاب في الإطاحة بالمستثمرين الأجانب في الاقتصاد السعودي، ولعل هذا هو السبب الأبرز تأثيرا في أزمة الاقتصاد في المملكة، حيث شعر كثير من المستثمرين بعد اعتقال بن سلمان لعشرات الأمراء وكبار رجال الأعمال ممن يملكون التأثير في الاقتصاد السعودي غير النفطي، بالخوف من تلك السياسات التي لا تخضع لقانون ولا تمتثل لدستور، فخرجوا من فورهم من دائرة العمل في الاقتصاد السعودي تحت تلك الضغوطات المخيفة، والممارسات التي لا تليق بالدول الحرة.

والذي أطاح بثقة المُستثمرين في الاقتصاد السعودي، العامل الأبرز المؤثّر على نمو الاقتصاد السعودي غير النفطي.

قرار إطلاق سراح الأمراء ورجال الأعمال بعد مساومة حريّتهم مقابل جزء من أموالهم أو أسهمٍ في شركاتهم أو تنازُلاتٍ سياسية، لم يجد في استعادة المستثمرين الذين تركوا البلاد، وأغلقوا شركاتهم وسرّحوا الموظفين فيها.

الخوف الزائد عند رجال الأعمال الذي خرجوا من ميدان الاستثمار في المملكة كان مبررا بسبب اختفاء كبار السياسيين في دوائر الحكم، ودعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسياسات الأمير المتهور، فشعروا أن الدخول معه في صراعات لن يعود عليهم إلا بالخسارة الأكيدة، وهو ما اضطرهم إلى نقل أموالهم خارج البلاد، أو تأجيل كافة مشروعاتهم الاستثمارية داخل المملكة، أو المسارعة في إلغائها.

رؤية 2030 هي رؤية وضعها وأعلن عنها ولي العهد محمد بن سلمان عام 2016 بهدف رفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من إجمالي الناتج المحلي من 3.8% إلى المعدّل العالمي وهو 7.5%، لكن الواقع أثبت أن تدفّقات الاستثمار الأجنبي المباشر انخفضت إلى 1.4 مليار دولار في 2017 من 7.5 مليار دولار في 2016، ومن 12.2 مليار دولار في عام 2012 في أدنى مستوى لها منذ 14 عاماً، في حين أن المرحلة الأولى من الرؤية تقتضي زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 18.7 مليار دولار بحلول الـ 2020.

فهل لا زالت قناعة بن سلمان عن نجاح رؤيته بنفس الثقة المطلقة التي تمتع بها يوم أعلن عن رؤيته؟

شارك المقالFacebookXEmailWhatsAppLinkedIn
اترك تعليقاً