شكك عدد من المحللين الاقتصاديين من الدعم السعودي للاقتصاد اليمني، فعلى رغم الأثر الإيجابي السريع الذي أحدثه في السوق المحلية اليمنية، لكن لا يبدو أن الدعم الاقتصادي السعودي سيجد طريقه إلى التنفيذ، من غير أن تحصل المملكة في المقابل على تنازلات سياسية واقتصادية تمس بسيادة اليمن ووحدة أراضيه.
جدير بالذكر أن هذه المخاوف تتعزز في ظل الترويج السعودي لخرائط جديدة “تقضم” أجزاء من المهرة وحضرموت، فضلاً عما تكشفه مصادر اقتصادية من مساع يقودها “محمد آل جابر” للتحكم بسوق المشتقات النفطية.
يشار إلى أن السعودية كشفت عن دعم مالي جديد للاقتصاد اليمني بقيمة ثلاثة مليارات دولار، سرعان ما ولد أثراً إيجابياً في السوق المحلية.
وطبقاً لذلك فقد انخفضت أسعار العملات الأجنبية أمام العملة اليمنية بشكل حاد، ليفقد الدولار نصف قيمته السابقة في عدن، بانخفاض بلغت نسبته 42%، مقابل تراجع مماثل بنسبة 24% في صنعاء، من 600 ريال للدولار الواحد إلى 440 ريالاً.
لكن تلك سرعان ما بدأ تأثيرها يتراجع، ليعاود سعر الدولار إلى الارتفاع، مسجلاً 560 ريالا في صنعاء أمس، و980 ريالا في عدن.
وتشير المؤشرات إلى أن الدعم السعودي قد لا يعدو كونه “مجرد تعهدات”، ظهرت سريعاً، وفق ما أقر به رئيس الحكومة الموالية للرياض نفسه، “معين عبد الملك”، مؤكدا أن حكومته، التي لم تعقد معها السعودية أي اتفاقيات جديدة، بحاجة إلى وديعة من دول الخليج الفارسي لتتمكن من الإيفاء بالتزاماتها.
بدوره، قال رئيس مؤسسة “مراقبون للإعلام المستقل” في مدينة عدن، “ماجد الداعري”، أن المبلغ المعلن عنه من قبل الرياض ليس وديعة، بل يعد دعماً مالياً مباشراً للبنك المركزي بملياري دولار، لتعزيز قيمة صرف العملة، وتمكين الحكومة من الإيفاء بأهم التزاماتها الملحة لدعم واردات الغذاء الأساسية، فضلاً عن 1.3 مليار دولار أيضا لشراء المشتقات النفطية وتمويل المشاريع التنموية، عبر ما يسمى بـ”البرنامج السعودي لإعادة الإعمار باليمن”.
كما شدد “الداعري” إلى أن هذه التعهدات قد تظل في إطار الكلام فقط، من دون الإيفاء بها فعلياً، كما يجري في حالة العديد من الدول التي تتعهد بتقديم مبالغ مالية لليمن وغيره، خلال مؤتمرات المانحين.
تجدر الإشارة إلى أن الرياض وأبو ظبي تحاولان الحصول عليها من المجلس الرئاسي المشكل حديثاً، ولا سيما في ظل ترويج الإعلام السعودي لخريطة جغرافية سعودية جديدة تضم مناطق في وادي حضرموت والمهرة المحددتين للمملكة، وهو ما تكرر أيضا الأسبوع الجاري عندما ظهرت خريطة جديدة لليمن خلف رئيس المجلس الرئاسي، “رشاد العليمي”، مقتطعة منها مناطق في المحافظات الشرقية.
كما أن حكومة “هادي” لم تكن على علم مسبق بالدعم الاقتصادي السعودي، علماً أن الرياض رفضت سابقاً منحها وديعة جديدة، على رغم تقديم “هادي” أكثر من طلب للحصول على وديعة إنقاذية للبنك المركزي في عدن، بعد أن تصاعد سعر صرف الدولار إلى أكثر من 1700ريال منتصف العام الماضي.
كما أنه بحسب مصادر اقتصادية على علاقة بحكومة “عبد الملك”، فإن ثمة مساع يقوم بها السفير السعودي لدى اليمن، “محمد آل جابر”، منذ أكثر من عام، للسيطرة على سوق المشتقات النفطية في اليمن، والتحكم بمسار الواردات والصادرات عبر «برنامج إعادة الإعمار» الذي يرأسه.
وأشارت المصادر إلى أن “آل جابر” طالب، خلال اجتماعه بإدارة “مركزي عدن” وعدد من قيادات الحكومة الموالية لـ”التحالف”، محافظ البنك، بفتح حساب مشترك بين “برنامج إعادة الإعمار” والحكومة لتوريد عائدات مبيعات المشتقات النفطية.
وأضافت أن البرنامج ينوي استيراد النفط من شركة “أرامكو” إلى الأسواق اليمنية، في محاولة منه للسيطرة على كل الحصص السوقية للشركات العاملة في استيراد المشتقات النفطية إلى الأسواق المحلية، وكذلك شركة النفط، وهو ما انكشف من خلال إعلان السعودية تخصيص 600 مليون دولار لما يسمى “صندوق دعم استيراد المشتقات النفطية”، من دون علم الحكومة المحسوبة عليها، وعلى رغم أن هذا الصندوق لم يكن قد تم تأسيسه في عدن أصلاً.
ووفقاً لمحللين، فإن الخطة السعودية تقضي بالسيطرة على كافة عائدات النفط اليمني الخام الذي يصدر شهرياً من منشأة المسيلة في حضرموت، ومنشأتي العقلة وصافر، عبر ميناء النشيمة في شبوة، والتي تصل شهريا إلى 300 مليون دولار منذ مطلع العام الجاري.
يشار إلى أنه منذ مجيئ “محمد بن سلمان” إلى سدة الحكم وهو يتصرف في أموال المملكة بحالة من عدم النضج، ما أدى إلى دخول اقتصاد المملكة في حالة من التدهور والخسائر المستمرة.