عن تقارير تتحدث عن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، رد إعلام محمد بن سلمان بأنه يجب اتخاذ المزيد من الخطوات لإيجاد حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، معتبرا أنّ التطبيع نتيجة حتمية، ويقصد بذلك التطبيع العلني أو إظهار العلاقة مع الكيان الصهيوني، وإلا فإن المسار التطبيعي التصاعدي تشهد عليه الكثير من الوقائع ليس آخرها الزيارة التي قام بها –قبل أيام- مسؤول إسرائيلي رفيع إلى القصر الملكي في الرياض؛ لبحث سبل تطوير التنسيق الأمني بين البلدين.
أما التحجج بحل القضية الفلسطينية فالمواقف السعودية واضحة في تنصلها من أي التزام أخلاقي تجاه الشعب الفلسطيني، ويرى بن سلمان أن سياساته لا بد لهذه أن تغطي الكيان الصهيوني الذي تم زرعه في المنطقة، وتوفر له سندا قويا عبر معاداة حركة التحرر العربي، وأن تنخرط بفاعلية وبعدّة دينية مميعة لحقيقة الصراع، والآن لم يعد الشرق الأوسط أولوية في الأجندة الأميركية، حيث فرضت الظروف الاقتصادية، والمتغيرات الدولية، والصعود الاقتصادي الصيني، والمصالح الأمريكية الخالصة الترتيب لانسحاب أمريكي من المنطقة يمكن رصد جديته مع الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وتركيز التموضع الاستراتيجي الأميركي ناحية شرق آسيا، ومواجهة التحدي الصيني المتصاعد.
ويعتبر ذلك الانسحاب عبارة عن ترتيبات جديدة تصبح فيها العلاقة مع إسرائيل محور الضمان الأمني، والإقلاع الاقتصادي للحكم السعودي، واستطرادا لمعظم دول الخليج، حيث يتناغم هذا مع ما يذهب إليه خبراء أمريكيون أن الوجود العسكري ليس السبيل الأوحد لتأمين المصالح الأمريكية، فالنهج الدبلوماسي المدروس والفعّال يمكن أن يحقق نتائج مثمرة.
وبالرجوع إلى العلاقات السعودية الإسرائيلية ففي تاريخ 31 أكتوبر 2018، ـ حسب تسريبات ويكيليكس ـ قدّم رئيس الاستخبارات العامة الفريق أول خالد الحميدان إلى الديوان الملكي السعودي تقريرا مصنّفاً «سريّ للغاية» يتضمن تقديرا أمنيا حول «مسار التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج وحدود الاستفادة الخليجية من إسرائيل» ويستعرض التقرير أبرز الأنشطة التطبيعية الخليجية مع إسرائيل منذ التسعينيات، ويتضمّن تفسيرات للتقارب الخليجي – الإسرائيلي، ويقدم توقعاً لكيفية الاستفادة السعودية من إسرائيل بعدة أشكال منها: –
- الانخراط في مشروعات التعاون الإقليمي على المستويات الأمنية والعسكرية والاقتصادية.
- الاستفادة من إمكانيات اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة.
- تخفيف الضغوط على المملكة وتحسين صورتها أوقات الأزمات وعند الحاجة.
- التعاون العلمي والبحثي.
لكن مضى على التقرير المسرّب أكثر من ثلاثة سنوات ونصف، أي قبل العودة إلى الحوار مع إيران في أفق إحياء الاتفاق النووي، وقبل صدمة الهروب الامريكي من أفغانستان، والذي يؤشر إلى انسحابات أخرى أقل دراماتيكية من ملفات الإقليم، فإن الاستفادة الاستراتيجية بحسب التقدير السعودي المستجد تكمن في الاستظلال الأمني بإسرائيل وصولا إلى لحظة المجاهرة بالتطبيع معها والانخراط في حلف عربي معها ، تحت ذريعة المصلحة الوطنية العليا خاصة إذا كان في مقابل طي ملف خاشقجي، وفتح صفحة جديدة في العلاقات تتوَّج بقبول أمريكي بأن يتولى محمد بن سلمان الملك، وهذا ما تتداولته بعض التقارير قبيل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمملكة كجزء من رحلته المخطط لها مبدئيا إلى الشرق الأوسط في نهاية شهر يونيو.
في السياق نفسه، صرح رجل الأعمال الأميركي الإسرائيلي “بيل روزن” الذي شغل سابقا منصب رئيس «جمعية أصدقاء الليكود» في الولايات المتحدة في حديثه لموقع عبري، أنه أعقاب زيارته للمملكة، فإن السعوديون يعتبرون “إسرائيل” قوة عظمى، وهم متأثرون ومعجبون من القدرات التي تملكها للدفاع عن نفسها في المنطقة، متابعا أنه أمر رائع ومدهش، وهذا جزء من الجاذبية التي تتمتع بها إسرائيل بعيون السعوديين، الذين يرون في إسرائيل القوة التي تستطيع حمايتهم مقابل التهديد والعدو المشترك إيران.
فهل يفعلها ابن سلمان ويصبح الوتد العتيد في خيمة اتفاقات أبراهام؟