بين من يرى أنها صفقة أمريكية سعودية من أجل النفط، ومن يراها تطبيع أمريكي سعودي بين الديمقراطية والديكتاتورية ومن يراها رعاية لتطبيع إسرائيلي عربي، أولت الصحف اهتماما كبيرا بزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للسعودية ولقائه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتناولت كل صحيفة تفاصيل الزيارة من زاوية مختلفة.
فقد تناولت صحيفة الغارديان اجتماع ثلاثة من المعارضين السعوديين في وقت اجتماع بايدن بابن سلمان، وهم عبد الله العودة ولينا الهذلول وخالد الجابري، وهم تربوا في وطن واحد وربما أحياء متقاربة لكنهم تعرفوا على بعضهم في غربة المعارضة، وأجرت الصحيفة معهم مقابلة حول ما دار في اجتماعهم حيث اتهم المعارضون السعوديون الثلاثة جو بايدن بأنه يسعى إلى “التطبيع مع نظام قاتل”، بدلا من فرض عزلة عليه وإنقاذ ذويهم من بين يديه، فخالد الجبري ابن رجل الأمن السعودي سعد الجبري له شقيقه وشقيقته في السجن، وعبد الله العودة له والده العالم والداعية السعودية الأشهر الشيخ سلمان العودة، ولينا الهذلول لها لجين الهذلول التي خرجت من المعتقل عام ٢٠١٨ ثم منعت من السفر وممارسة حياتها الطبيعية، بعدما حرمت من أسرتها التي تعيش في المنفى في أوروبا، وفوق كل ذلك فإن ثمن المعارضة هي الموت المحقق مثلما جرى مع الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
أما صحيفة التلغراف البريطانية فقد رأت أن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للسعودية لن تأتي بأي نتائج ملموسة لا على مستوى حقوق الإنسان ولا الحريات ولا غيرها من المستويات، لكن ابن سلمان يرى أن هذه الزيارة هي بمثابة إسدال الستار على مرحلة عاشها منبوذا على المستوى الدولي ومن ثم يتسنى له العودة إلى ما كان يحلم به.
أما صحيفة صحيفة فاينانشال تايمز فقد أشارت إلى أن السعودية قد اتخذت قرارها قبل زيارة بايدن بساعات بأنها قد فتحت مجالها الجوي أمام كل الطيران المدني، بما في ذلك الطيران التابع لكيان الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي دفع بايدن إلى الإشادة بقرار المملكة ووصفه بأنه قرار تاريخي في ظل حالة من التخبط يعيشها سوق النفط العالمي، وسعي بايدن إلى محاولة تغيير منهجية السعودية في إنتاج النفط لحلحلة الموقف السعودي الرافض لزيادة الإنتاج من النفط، وهو ما أعقبه قرار ابن سلمان بزيادة حصة الإنتاج إلى ١٣ مليون برميل يوميا، وهنا تناولت الفاينانشال تايمز الموضوع من زاوية بايدن نفسه الذي حاول أن يكسب لنفسه نقاطا جديدة تحرز له تقدما سياسيا في فترة رئاسته بأنه استطاع أن يعود إلى المنطقة من جديد بعدما كاد ترامب أن يخرج منها بإدارته السابقة.
الصحيفة نفسه رأت أن بايدن ليس هو المستفيد الوحيد إذ يعقبه في المكسب الكيان الإسرائيلي المحتل لفلسطين، بعدما سمحت السعودية لطائراته أن يعبر أجواءها الجوية خلال رحلاتها المتجهة إلى آسيا، حيث جاء قرار السعودية بعد الاتفاق بين السعودية وإسرائيل، بوساطة أمريكية، على ترتيبات أمنية على الجزيرتين اللتين نقلت مصر تبعيتهما إلى السعودية عام 2017 تيران وصنافير، كما نطق ابن سلمان وأشاد بتطور العلاقات إلى حالة جيدة بين المملكة وبين إسرائيل، وقالت بأن تلك التحركات بين السعودية وإسرائيل قد تأمريكا وبن سلمان ينطوي على خطر كبير على حقوق الإنسان، لكن المؤيدين يرون أن توقيت الزيارة جاء لإقناع السعودية بزيادة إنتاج النفط، لأن الزيارة من شأنها أن تعزز تطبيع العلاقات الذي أعلنته الإمارات والبحرين والسودان والمغرب مع إسرائيل، وهو ما قد يمهد الطريق أكثر أمام تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية، وهو ما ستكشف عن الأيام والأشهر القادمة