نيوم.. مدينة جديدة تضاف إلى مدن الملح

نيوم.. مدينة جديدة تضاف إلى مدن الملح

نيوم.. مدينة جديدة تضاف إلى مدن الملح
نيوم.. مدينة جديدة تضاف إلى مدن الملح

في عادة الشركات التي تتبنى إنشاء مشروعات كبيرة أن تستغل علاقاتها بالشخصيات السياسية ذات الحيثية في حكومات الدول، ولم تكن الشركات الكبرى في دول الخليج بمعزل عن هذه السياسة، لذلك فإن مشروع نيوم الذي دشنه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، هو مشروع يستهدف الربح الشخصي أكثر ما يستهدف تنمية اقتصاد المملكة كما زعم، فالمشروع الذي وضعت له ميزانية قدرت بـ 500 مليار دولار، محال أن يرد تلك التكلفة إلى خزانة الدولة وفق الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها العالم بأسره اليوم، وما تعيشه المملكة من أزمات في ظل تنامي العجز في ميزانية الدولة.

بن سلمان ومدن الملح

نموذج GFH

هذا النموذج من المدن برز على ساحة المشاريع العملاقة في دول الخليج خلال الفترات الأخيرة، حتى أصبحت فيما بعد هي السمة الرئيسية للمشروعات العقارية العالمية، وقد سميت تلك المدن بنموذج GFH نسبة إلى البنك الذي كان رائدا في تمويل تلك المشروعات خلال العقد الماضي، بموجب هذا النموذج تقوم الشركات الكبرى باستغلال علاقاتها بالشخصيات السياسية الكبرى في البلاد وخاصة من هم من أبناء الأسرة الحاكمة للحصول على أراض بعيدة عن قلب المدن بأسعار رخيصة جدا، بعدما تتعهد تلك الشخصيات بجذب المستثمرين لتعمير تلك الأراضي وبنائها وإقامة المشروعات السكنية عليها، وما يتبعها من خدمات، ومن ثم يقومون بتأسيس شركة منبثقة عن شركتهم الرئيسية وإدارة المشروع من البداية إلى النهاية، بخطة تسويقية جاذبة بأن المدينة الجديدة سوف تكون مدينة إعلامية، أو مدينة سياحية، أو ترفيهية، أو مدينة عملية لأصحاب المشروعات الصغيرة والكبيرة، وغيرها من تلك المسميات، لكن حقيقة الواقع الاقتصادي كثيرا ما أظهر فشل تلك المشروعات، مثل ما حدث مع مركز الملك عبد الله المالي في الرياض، ووترفرونت في دبي، والمدينة الزرقاء في عمان، وكل هذا كان بسبب الأزمات الاقتصادية، وكانت عوامل الفشل كلها راجعة إلى ضخامة الميزانية المرصودة لمثل تلك المشروعات، لذلك كلما كانت المشروعات واقعية مقبولة الميزانية، قصيرة المراحل، كانت للنجاح وتحقيق الأرباح الكبيرة أقرب.

مدن الملح

تلك سلسلة من الروايات كتبها عبد الرحمن منيف، كانت تدور كل أحداثها عن واقع الخليج منذ كان يعيش في عتمة الظلام يستنكر ويحرم الأنوار والإضاءة، إلى الواقع الذي راح يتغير فجأة بعدما تملك قراره الدول الغربية، وهو ما توقع أن تذوب مدن الخليج وكأنها مدن من جبال ملح، تكونت ثم لا تلبث أن تذوب.

وعن نيوم، فلأن القرار السياسي والاقتصادي وكل قرارات الدولة في تلك الدول، ولاسيما في المملكة السعودية، فإن الواقع لا يبشر بنجاح المشروعات الكبرى، لأنها غالبا ما تكون قائمة على المصالح الشخصية، بعدما تغلغلت في تلك العلاقات الشركات العالمية الكبرى، والتي ترى في ذلك فرصة لتكوين رؤوس الأموال من أرباح تلك الشركات، حتى لو استغلتها مرحلة أولية ثم انسحبت عنها من بعد ذلك، وهو ما يلقب في عالمهم باللعبة الاقتصادية.

نيوم ومدن الملح

الحقيقة التي رصدتها المراكز الاقتصادية العالمية والإقليمية هي أن مشروع نيوم، هو مشروع قائم على منوال تلك المشروعات التي لا يخطط لها جيدا كما أنها مشروعات حالمة أكثر من حقائق الواقع، وهو ما يجعل المشروع برمته، ينضم إلى قائمة مدن الملح، التي ستذوب مع مرور الأيام، هذا بالمقارنة لما فعله النظام العسكري في مصر، أثناء عمل التفريعة الجديدة لقناة السويس، حيث أوهم الشعب بجدواها، وأنها ستكون نقلة اقتصادية لمصر لم يسبق لها مثيل، وبعد نقاش بين الشركات الكبرى، لم تقبل على دعمها تلك الشركات، ولم تستثمر فيها مما دفع النظام إلى جمع أموالها من الشعب، بل وصرف عوائد على تلك الأموال لفترة قبل أن يتم الانتهاء من المشروع، ثم لما دخلت مصر في أزمة النقد، وانخفاض قيمة الجنيه بسبب قرار الرجل الواحد في إنشاء المشروعات دون أي تخطيط، فشل المشروع بعدما أغرق مصر في أزمة اقتصادية كبرى، ثم راح النظام يتكلم عن جدوى المشروع في الجانب النفسي للشعب، وأثره على الصلابة النفسية للأمة المصرية، وكله ذلك استكمالا للفشل.

لن يكون نيوم أكثر من مدينة من مدن الملح التي نشأت في برهة من الزمن بآليات وخطط غير واقعية ولا طبيعية، لذا لن يكون لها تاريخ تراكمي طويل، فسريعا ما ستذوب في بحار النسيان بعدما تضربها أمواج الفشل فتذيبها، بعد تكون قد أكلت هي أموال النفط، وفكر ولو للحظة واحدة، ماذا لو وقعت نيوم في أزمة كهرباء، وهو الأمر الوارد جدا لأي سبب سياسي أو أمني أو تكنولوجي أو طبيعي، فستصبح مجرد مدينة أشباح مخيفة لا مكان فيها لا للترفيه ولا ما سواه.

اقرأ أيضًا: نيوم والحويطات: غربة في حضن الوطن (1)

شارك المقالFacebookXEmailWhatsAppLinkedIn
اترك تعليقاً