يسعى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان منذ أن تقلد منصبه إلى قطع الصلة تماما بين تاريخ المملكة العربية السعودية وتقاليدها، وبين حاضرها، حيث يريد تصديرها إلى العالم من خلال مدينة نيوم على أنها بلد الحداثة المنفتحة على كل الأعراف والقيم الإيجابية كانت أو السلبية، محاولا بذلك أن يمارس دورا إقليميا معتمدا على ثروات المملكة النفطية، وهو بذلك يدور في الفلك الإسرائيلي الذي رسمته له دولة الاحتلال الصهيوني، بعدما ارتضت حكومة المملكة أن تكون ذيلا تابعا لبعض الدويلات من حولها، والتي يقودها في الخفاء اليمين الديني الإسرائيلي، ويحركها معه بنيامين نتنياهو رئيس وزراء دولة الاحتلال الصهيوني.
ذلك الحلم الذي يريد أن يحققه بن سلمان يأتي على أنقاض دول قتل فيها الحرية والديموقراطية، وأخرى دمرها وأضاع عليها سنوات من السعي إلى الأمام، وأخرى لا يزال يدك فيها بالدبابات والطائرات دون أي جدوى وهي اليمن.
مؤخرا أقدم بن سلمان على ضخ ما يستطيع في مشروعه الوهمي مدينة نيوم، والذي يهدف إلى فتح علاقة طبيعية بين دولة الاحتلال والدول المشاركة في المشروع مع المملكة وهي الأردن ومصر، لكي يجعل لدولة الاحتلال مكانا على خريطة العالم العربي، بعدما جرّم مقاومتها بكل الطرق.

يريد بن سلمان كذلك أن تكون نيوم واجهة للقلة التي تسيطر على مقدرات العالم ممن سماهم في مؤتمر انطلاق رؤيته العرجاء 2030، وللحالمين من البشر، كما يريد أن تكون واجهة للوبي الصهيوني، من خلال قيادة زمام المدن التكنولوجية الجديدة، لتكون ذات السيادة على العرب، ما دام يوجد عندهم الحكومات العميلة التي تخدم مصالحهم بقتل أبناء شعوبها وتحطيم أحلامهم في العيش بحرية وكرامة.
إن نيوم التي استضافت مؤخرا أول لقاء بين بن سلمان ونتنياهو ليست مجرد مدينة صغيرة تقع في أطراف المملكة في قلب الصحراء، إنها مدينة بحجم دول كبلجيكا، يسعي بن سلمان لأن تكون هي درة التاج الذي يحلم بأن يلبسه على عرش المملكة.
وتتولى شركات عالمية دور التخطيط والتصميم والاستشارات، وعلى رأسها ثلاثة مكاتب استشارية عالمية، هي “ماكينزي” و”بوسطن” و”أوليفر ويمان” الذين تم الاتفاق معهم بناء على تفاهمات مع بن سلمان لتقديم المشورة للمشروع ككل باعتباره أهم مشاريع رؤية 2030 التي أعلنها، لتكون خريطة الطريق الجديدة للتنمية في السعودية.
مدينة نيوم التي تقع غرب من تبوك حتى البحر الأحمر ومضيق تيران المصرية، وحدود كل من الأردن ودولة الاحتلال الإسرائيلي عند خليج العقبة وإيلات، يراد لها أن تصبح بوابة البر والبحر لدول شبه الجزيرة العربية وطريقها من وإلى العالم، إلى الشرق عن طريق البحر الأحمر فالمحيط الهندي، بعيدا عن النفوذ الإيراني في الخليج، وإلى الشرق عن طريق إسرائيل والبحر الأبيض، لذا فإن نيوم لها أهمية إستراتيجية بالنسبة لمشروع التطبيع الإسرائيلي لعدة أسباب:
أولا: إقامة منطقة تنموية إقليمية بقيادة الاحتلال الاسرائيلي لتكون بوابة المنطقة العربية للعالم وبوابة العالم للمنطقة.
ثانيا: أن تصبح دولة الاحتلال الاسرائيلي هي الضامن الأمين لمشروعات ومصالح القوى الرئيسية العالمية في المنطقة، وهو ما يجعل الدول العربية لعقود تحت رحمة دولة الاحتلال إذ هي المتحكمة في اقتصاديات الدول بشكل رسمي علني خاضع للقوانين العالمية
ثالثا: فتح الباب لإعادة توظيف الفوائض المالية لدول النفط، بحيث تضع المؤسسات المالية والسياسية لدولة الاحتلال أيديها على هذه الفوائض، وبهذا تصبح تصبح دولة الاحتلال واجهة للمنطقة لدورها التكنولوجي والمالي في المنطقة.
رابعا: تأكيد سيادة دولة الاحتلال الاسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى المنطقة برمتها في كافة المجالات العلمية والتكنولوجية، ولاسيما بعد فشل الأنظمة العربية في تلك المجالات.
إقرأ المزيد : https://neomm.co/ar/2021/01/23/%d9%86%d9%8a%d9%88%d9%85-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d9%88%d9%8f%d9%84%d8%af-%d9%85%d9%8a%d8%aa%d8%a7-%d8%a8%d9%84-%d8%b1%d8%a8%d9%85%d8%a7-%d9%87%d9%88-%d9%83%d8%b0%d8%a8%d8%a9-%d9%83%d8%a8/