كل فترة وأخرى تعلن وسائل الإعلام عن صفقة رياضية جديدة بين السعودية ولاعب من لاعبي الأندية العالمية، ولعل العرض القديم الجديد هو عرض صفقة بقيمة نصف مليار دولار على ليونيل ميسي مقابل التعاقد لعامين، العرض كان مذهلا عدته المؤسسات المتخصصة أكبر العروض في الدول الخليجية والعالمية.
استراتيجية توظيف المواهب المتميزة عالميا هي إحدى الاستراتيجيات التي تهتم بها الدول المتقدمة لكن لكل دولة حساباتها التي تعمل من خلالها على التقدم والارتقاء بأبنائها، لكن لماذا تنفق دولة مثل السعودية تعد ضمن دول العالم الثالث إذ لا صناعات ولا تكنولوجيا إلا مستوردة كل تلك الملايين من الدولارات على مهرجانات وشراء لاعبين لا يعود عليها بشيء ذي قيمة في واقعها ومستقبلها؟
لماذا لا تستثمر؟
السؤال الذي يطرح نفسه كثيرا على من يسمعون أو يطلعون على تفاصيل صفقات الرياضة بين السعودية والأندية الرياضية العالمية هو لماذا لا تستثمر السعودية هذه الملايين من الدولارات والتي تفوق في مجموعها مليارات في مستقبل المجالات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي مثلا، أو التصنيع أو الزراعة بما يجعل من دولة منتجة ومصدرة بدلا من كونها دولة مستهلكة حتى الآن؟
والحقيقة أن هذا السؤال لا إجابة له لا عند المواطن السعودي ولا المتخصص الذي يحار في البحث عن إجابة، لكن الوحيد الذي عنده إجابة هو ولي العهد السعودي الذي تملك زمام الحكم في البلاد بعد غياب والده الملك عن الساحة وسيطرته على الأسرة الحاكمة ووضع ولي العهد السابق تحت الإقامة الجبرية.
من يستذكر؟ لقد كانت الخطة الإستراتيجية لحكومة بن سلمان هي رؤية ٢٠٣٠، وكان مركز الخطة هو الاستثمار في المجال التكنولوجي والذكاء الاصطناعي من خلال مدينة نيوم، ثم مرت السنوات ولم يتقدم بن سلمان في مجال من المجالات إلا الترفيه واللعب، حتى مدينة نيوم لم ينجز منها ما يستطيع أن يطلع عليه الرأي العام السعودي، ولا الرأي العام العالمي الذي كان يغازل بمشروع نيوم صفوته وأغنياءه.
مؤخرا أقدم محمد بن سلمان على إنشاء صندوق بقيمة ٢٠٠ مليون دولار بغرض الاستثمار في الشركات المحلية والعالمية التكنولوجية، أي بما يساوي أقل من نصف صفقة شراء ميسي والتي قدرت ب٥٠٠ مليون دولار، ليبقى السؤال، بماذا عادت الصفقات الرياضية ومغازلة الفنانين والمصارعين بمئات الملايين من الدولارات على الشعب السعودي وحاضر ومستقبل المواطن؟