قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن نقابة عالمية قدمت شكوى ضد سلطات المملكة السعودية حول العمل الجبري والانتهاكات التي تمارس بحق العمال الوافدين، إذ اعتبرت الشكوى تحذيرا للسلطات السعودية والشركات والمستثمرين في داخل البلاد ضمن مشروعات رؤية ٢٠٣٠ التي تعتمد على جلب ملايين العمال الوافدين.
جدير بالذكر أن “الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب”، الذي يضم 12 مليون عضو، كان قد تقدم بشكوى بموجب المادة 24 من دستور “منظمة العمل الدولية” بشأن ظروف العمل والمعيشة الاستغلالية لملايين العمالة الوافدة، إذ كشفت شكوى الاتحاد أن من بين الانتهاكات التي يتعرض لها العمال الوافدون سرقة الأجور والتي أصبحت جريمة متفشية بين الشركات.
مينكي ووردن مديرة المبادرات العالمية في هيومن رايتس ووتش نبهت السلطات السعودية بأن عليها أن تحذر وأن تستمع إلى نداءات وشكاوى منظمة العمل الدولية بشأن انتهاكات العمل الجبري، ومعالجة الشكاوى العمالية والمظالم المعلقة منذ سنوات، ودفع الأجور غير المدفوعة لعشرات آلاف العمال، إذ تعتبر هذه الانتهاكات ناقوس خطر يسئ لسمعة المملكة السعودية أكثر مما هي عليه، إذ لا يظهر من حكومة السعودية إلا تجاهل الشكاوى والتقاعس عن حماية حقوق العمال لصالح أرباب العمل والكفلاء المستغلين لأوضاع العمالة في المملكة.
في السياق نفسه كانت الشكوى التي تقدم بها الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب قد استندت إلى مجموعة من الأدلة على الانتهاكات الحقوقية التي تمارس بحق العمال الوافدين، ومنها على سبيل المثال عدم حصول عشرات الآلاف من العمال على رواتبهم من الشركات وعلى رأس تلك الشركات شركتَي إنشاءات قد أفلستا في العام 2016.
كما تضمنت الشكوى شهادات 193 عاملا وافدا واجهوا انتهاكات عديدة مثل تقييد الحركة، والتخويف والتهديد، والاحتفاظ بوثائق الهوية المتمثلة في جوازات سفرهم، وعبودية الديون، وظروف العمل والخصوصية المنتهكة، والعمل الإضافي بلا حساب ولا تقنين ولا تعويض مالي، والمنع من حرية تكوين الجمعيات والتفاوض الجماعي.
كذلك أدرج الاتحاد في الشكوى عشرات الحالات التي أسئ فيها معاملة العمال الوافدين، وإخفاق سلطات السعودية في تنفيذ بنود “اتفاقية العمل الجبري” (رقم 29) وبروتوكول الاتفاقية لعام 2014.
يذكر أن في الشكاوى المرفوعة في المملكة الكثير من الحالات التي يعجز العقل عن استيعابها ومن بينها حالة موظف سابق عمل في شركة “سعودي أوجيه” من 1990 إلى 2015، وهو منذ تصفية الشركة يعاني صعوبات مالية شديدة نتيجة حجب راتبه ووضع قيد على انتقاله إلى صاحب عمل آخر ما يسمى بنقل الكفالة، حتى اضطر إلى العيش على فضلات الأطعمة ليلقى حتفه في نهاية المطاف إثر نوبة قلبية بعد عشر سنوات من الهوان والذل والسعي بشكواه بين مكاتب العمل دون فائدة، ولا تزال عائلته عالقة في دائرة من الديون والمصاعب إلى الآن.
يذكر أن كثيرا من القضايا والشكاوى في وزارة العمل لا تلقى استجابة أغلبها حول الأجور غير المدفوعة من شركات في جميع أنحاء السعودية، رغم وعود أرباب العمل بإنهاء هذه الأزمات لكن لا جديد غير تراكم الديون على العمال واستئساد أرباب العمل عليهم، بسبب نظام الكفالة السعودي والذي يعطي أصحاب العمل سلطة مطلقة في إرهاق العمال الأجانب وعدم قدرتهم على التنقل بين الوظائف وتقييد وضعهم القانوني في البلاد.
وعلى رغم كل الوعود التي وعد بها ابن سلمان منظمات حقوق العمال لم يتغير الوضع في المملكة بعد مرور ثمان سنوات على حكم ابن سلمان الفعلي للبلاد، ليضاف الفشل في هذا الملف إلى فشله في الملفات الاقتصادية والحقوقية والسياسية الأخرى.