محمد بن سلمان واستثمار الطائرات الوهمية: إفلاس فولوكوبتر يفضح فشل نيوم الاقتصادي

محمد بن سلمان واستثمار الطائرات الوهمية: إفلاس فولوكوبتر يفضح فشل نيوم الاقتصادي

السعودية

في ظل الترويج المستمر لمشاريع عملاقة كنيوم، يحاول نظام محمد بن سلمان إقناع العالم بأن المملكة السعودية تقود ثورة التكنولوجيا والمستقبل، لكن ما يحدث على أرض الواقع يكشف عن استثمارات فاشلة وقرارات اقتصادية أشبه بالمغامرات الطائشة.

أحدث فصول هذه القصة يتمثل في إعلان شركة “فولوكوبتر” (Volocopter) الألمانية، التي تم اختيارها كمشغل حصري للنقل الجوي في نيوم، إفلاسها بعد أزمات مالية خانقة. هذا الخبر صدم الأوساط الاقتصادية وأثار موجة من التساؤلات حول جدوى استثمارات ابن سلمان الضخمة في مشاريع غير مضمونة النجاح، والتي تُهدر ثروات المملكة في مغامرات مستقبلية مشكوك في مصداقيتها.

فمنذ عام 2022، استثمرت نيوم 175 مليون دولار في شركة “فولوكوبتر” في إطار خطة طموحة لقيادة ثورة النقل الذكي عبر التاكسي الطائر، وجرى الترويج لهذه الخطوة كإنجاز كبير يعزز صورة المملكة كرائدة في التكنولوجيا المتقدمة. تم اختيار “فولوكوبتر” كمشغل حصري لخدمات النقل الجوي في المشاريع الرئيسية لنيوم، مثل “ذا لاين” و”تروجينا” و”أوكساچون”. لكن بعد أقل من ثلاث سنوات، أعلنت الشركة إفلاسها وعجزها عن الاستمرار دون إعادة هيكلة وتمويل إضافي، مما يُظهر أن الرهان على هذه الشركة كان مخاطرة غير محسوبة.

على الرغم من أن “فولوكوبتر” جمعت استثمارات هائلة من شركات عالمية كمرسيدس بنز وجيلي الصينية، إلا أنها لم تتمكن من تجاوز الأزمة المالية التي عصفت بها، ما يجعل تساؤلات كبيرة تُطرح حول كفاءة الإدارة الاستثمارية في نيوم. إذا كانت هذه الشركة، المدعومة بأقوى الشركات العالمية، لم تصمد، فكيف يعتقد ابن سلمان أن مشروعه الحالم سينجح في ظل تقلبات السوق العالمية؟

نكسة لنيوم وإهدار للمال العام

إعلان إفلاس “فولوكوبتر” ليس مجرد أزمة لشركة ناشئة، بل هو نكسة لمشروع نيوم بأكمله، الذي يعتمد بشكل أساسي على شراكات دولية وشركات تقنية لتحقيق وعوده المستقبلية. بدلًا من الاستفادة من الدروس الاقتصادية التي أثبتت أن المشاريع الضخمة بحاجة إلى دراسة جدوى دقيقة، أصر نظام محمد بن سلمان على استعراض عضلاته الاقتصادية عبر استثمارات استعراضية تفتقر إلى أساس صلب.

مشاركة السعودية بمبلغ 175 مليون دولار في شركة غير قادرة على الصمود وسط التحديات، ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل إهدار المال العام. هذا الفشل يعيد للأذهان قصصًا مشابهة لمشاريع بُنيت على أساسات هشة، تحت شعارات برّاقة لا تخدم سوى تضخيم صورة محمد بن سلمان في الخارج على حساب الداخل السعودي، الذي يعاني من البطالة وارتفاع تكلفة المعيشة.

هذه الأموال التي أُهدرت كان يمكن استخدامها في تطوير البنية التحتية أو تحسين ظروف معيشة المواطنين بدلًا من ضياعها في مشاريع خيالية لم تحقق شيئًا سوى المزيد من الأزمات المالية والانتقادات الدولية.

السياسات العبثية وغياب التخطيط الاستراتيجي

إفلاس “فولوكوبتر” يفتح الباب مجددًا للحديث عن السياسات العبثية التي يتبعها محمد بن سلمان في إدارة ثروات المملكة. بدلًا من الاستثمار في مشاريع وطنية مستدامة تعزز الاقتصاد الحقيقي، ينغمس النظام في سباق محموم لبناء مدينة “خيالية” تعتمد على تقنيات مستقبلية غير مستقرة.

نيوم ليست مجرد مشروع مدني، بل باتت رمزًا للمغامرات السياسية والاقتصادية التي يقودها ابن سلمان، الذي يبدو مستعدًا لفعل أي شيء لإثبات أنه يحقق “إنجازات عظيمة”، حتى لو كان ذلك على حساب استقرار المملكة. الفشل المتكرر للشركات التي يرتبط بها مشروع نيوم يعكس عدم قدرة القيادة على قراءة المشهد الاقتصادي العالمي وإدراك أن الترويج الإعلامي لا يمكنه إنقاذ مشروع خاسر من السقوط.

ما حدث مع “فولوكوبتر” ليس مجرد حادثة منفردة، بل هو دليل إضافي على أن مشاريع محمد بن سلمان تعتمد على الأوهام أكثر من الواقع. الاستثمار في تقنيات غير ناضجة وفي شركات ناشئة تعاني أصلًا من أزمات مالية يعكس افتقار النظام لرؤية اقتصادية حكيمة ومستدامة.

إذا استمر هذا النهج، فإن المزيد من الانهيارات الاستثمارية ستكون حتمية، مما يعرض مستقبل الاقتصاد السعودي لمخاطر أكبر. لا يمكن لأي مشروع، مهما كانت وعوده براقة، أن ينجح إذا بُني على قرارات متهورة وإدارة قائمة على الدعاية بدلاً من التخطيط الاستراتيجي.

مشروع نيوم الذي كان يُروج له كـ”مدينة الأحلام” بات شاهدًا على عبثية السياسات الاقتصادية للنظام، ومع مرور الوقت، قد يصبح رمزًا للفشل التاريخي في إدارة الثروات الوطنية، في وقت يطالب فيه الشعب بمستقبل حقيقي وليس أوهامًا باهظة الثمن.

شارك المقالFacebookXEmailWhatsAppLinkedIn
اترك تعليقاً