تراجعت الأسهم السعودية يوم الأربعاء 12 فبراير 2025، متأثرة بضغوط كبيرة على القطاعات الكبرى، ما أدى إلى انخفاض مؤشر السوق بنسبة 0.31%. قد يبدو هذا مجرد تقلب طبيعي في الأسواق، لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا. هذا التراجع ليس حالة فردية بل جزء من أزمة اقتصادية أعمق تضرب نظام بن سلمان، الذي بات عاجزًا عن تقديم حلول حقيقية لتحفيز النمو الاقتصادي بعيدًا عن الاقتراض والمشاريع الوهمية.
تراجع الأسهم وأزمة الثقة في الاقتصاد
شهدت أسهم الشركات الكبرى مثل أكوا باور والبنك الأهلي السعودي خسائر ملموسة، ما يعكس فقدان السوق لثقة المستثمرين. خلال الأشهر الماضية، ظل النظام السعودي يروج لرؤية اقتصادية براقة، لكن هذه الرؤية أصبحت اليوم مرتبطة بتراجع الأسواق وتزايد الديون. المستثمرون الذين انجذبوا للوعود الكبيرة بدأوا بإعادة تقييم حساباتهم، خاصة مع غياب أي نتائج ملموسة على أرض الواقع.
اللافت أن التراجع لم يكن محليًا فقط، بل جاء في سياق اضطرابات الأسواق العالمية، حيث أثرت تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، حول أسعار الفائدة على أسواق المال العالمية، ما أدى إلى تدفق رؤوس الأموال نحو الأسواق الأكثر استقرارًا. في ظل هذا المناخ، لم تعد السعودية وجهة استثمارية آمنة، بل تحولت إلى سوق مضطربة تتأثر سلبًا بأي تقلبات خارجية.
ديون متراكمة وسوق غير مستقر
رغم امتلاك السعودية ثروة نفطية ضخمة، إلا أن الاقتراض أصبح الوسيلة الأساسية لتمويل مشاريع بن سلمان. يلجأ النظام بشكل متزايد إلى الديون الدولية لسد الفجوة المالية المتزايدة، حتى أن صندوق الاستثمارات السعودي يتفاوض على ضمانات قروض بمليارات الدولارات. هذا النمط من التمويل قد يكون مستدامًا لفترة قصيرة، لكنه في النهاية يضع الاقتصاد السعودي في دوامة لا خروج منها.
على الصعيد العالمي، تتجه الاقتصادات القوية إلى إعادة هيكلة استثماراتها، بينما يواصل النظام السعودي إلقاء مليارات الدولارات في مشاريع مثل نيوم وذا لاين، التي لم تحقق حتى الآن أي عوائد حقيقية. هذه المشاريع، التي وُعد بأنها ستكون قاطرة النمو السعودي، تحولت إلى عبء مالي يضعف قدرة الاقتصاد على الصمود في مواجهة الأزمات.
هل تقترب الأزمة المالية من السعودية؟
تأثر السوق السعودي بتراجع الأسواق العالمية مؤشر خطير، فهو يعني أن الاقتصاد السعودي ليس مستقلاً بل هشًا وضعيفًا أمام أي ضغوط خارجية. الدول ذات الاقتصادات القوية تكون عادةً قادرة على امتصاص الصدمات، لكن السعودية تعتمد بالكامل على النفط والاقتراض، ما يجعلها في موقع ضعيف عند حدوث أي اضطراب اقتصادي عالمي.
إذا استمر النظام السعودي في تجاهل الحقائق الاقتصادية الواضحة، فإن الأزمة الحالية لن تكون مجرد أزمة بورصة، بل مقدمة لانهيار أوسع قد يضرب الاقتصاد بأكمله. لا يمكن لأي دولة أن تبني اقتصادًا مستدامًا عبر المشاريع الإعلامية والقروض الضخمة، والسعودية ليست استثناءً. اليوم، بدأ المستثمرون يفقدون ثقتهم، وغدًا، قد تجد المملكة نفسها في مواجهة أزمة مالية لا مفر منها.