تحل تضارب المصالح والعلاقات الاقتصادية بين إدارة ترامب والسعودية وتأثيرها على السياسة العالمية

تحل تضارب المصالح والعلاقات الاقتصادية بين إدارة ترامب والسعودية وتأثيرها على السياسة العالمية

تُسلط صحيفة التليغراف الضوء على الأولوية التي توليها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للعلاقات مع السعودية، على حساب العلاقات التقليدية مع أوروبا وبريطانيا. وتشير إلى أن هذه الأولوية تعكس تضاربًا في المصالح، حيث ترتبط الدائرة المقربة من ترامب بعلاقات اقتصادية شخصية مع مستثمرين سعوديين، ما يثير تساؤلات حول مدى تأثير هذه المصالح على السياسة الخارجية الأمريكية.

دافوس الصحراء: منصة لتعزيز المصالح الاقتصادية المشتركة

أظهر مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” (FII) Priority في ميامي، الذي يُعرف عالميًا بـ**”دافوس الصحراء”**، مدى النفوذ السعودي في رسم السياسات الاقتصادية الأمريكية خلال عهد ترامب. وكان لافتًا أن ترامب أصبح أول رئيس أمريكي يخاطب هذا المعهد، وكان برفقته شخصيات بارزة مثل:

  • سوزي وايلز – كبيرة موظفيه
  • جاريد كوشنر – صهره وكبير مستشاريه
  • ستيف ويتكوف – مبعوثه للشرق الأوسط
  • مايكل والتز – مستشاره للأمن القومي

كما كان حضور إيلون ماسك لافتًا، حيث جلس بجانب السفيرة السعودية لدى واشنطن الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، ما يعكس تقاربًا اقتصاديًا واضحًا بين نخبة المستثمرين الأمريكيين والسعوديين.

اتفاقيات استثمارية بمئات المليارات.. ومطالبة ترامب بالمزيد

تُبرز الصحيفة أن العلاقة بين ترامب والسعودية لا تقتصر على المجاملات الدبلوماسية، بل تتجسد في صفقات اقتصادية ضخمة. ففي مكالمة هاتفية بين ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان في يناير 2025، أعلن الأخير عن نيته استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة. إلا أن ترامب، الذي يسعى لتعزيز الاقتصاد الأمريكي، طلب رفع هذا الرقم إلى 1 تريليون دولار، وهو ما أبدت الرياض استعدادها له.

وتعكس هذه الأرقام النفوذ السعودي الكبير في الاقتصاد الأمريكي، حيث:

  • استثمرت السعودية 750 مليار دولار في الولايات المتحدة حتى الآن.
  • تمثل السعودية ربع الاستثمارات الأجنبية المباشرة داخل أراضيها.
  • أطلقت بلاك روك منصة استثمارية في الرياض بدعم 5 مليارات دولار من صندوق الاستثمارات العامة السعودي.
  • أعلن إريك ترامب، نجل الرئيس، عن مشروع برج ترامب جدة، مما يثير شبهات حول تضارب المصالح.

النفوذ السعودي داخل الدائرة المقربة من ترامب

تشير الصحيفة إلى الروابط المالية المباشرة بين السعودية وكبار الشخصيات في إدارة ترامب، حيث تلقى:

  • جاريد كوشنر – 2 مليار دولار لصندوق “أفينيتي بارتنرز” من صندوق الاستثمارات العامة السعودي.
  • ستيفن منوشين (وزير الخزانة الأمريكي السابق) – 1 مليار دولار من السعودية لصندوقه الاستثماري.
  • HSBC نقل 6,000 موظف إلى مقره الجديد في الرياض، تأكيدًا على اعتبار السعودية أولوية استراتيجية للبنك.

التنافس الجيوسياسي: هل تتخلى أمريكا عن بريطانيا لصالح السعودية؟

إلى جانب التأثير الاقتصادي، فإن تعميق العلاقات الأمريكية-السعودية قد يُعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي العالمي، حيث يشير الخبراء إلى أن بريطانيا قد تجد نفسها مهمشة لصالح الرياض، في ظل تركيز ترامب على المصالح الاقتصادية المباشرة بدلًا من العلاقات التقليدية مع الحلفاء التاريخيين.

ويعكس تصريح ريتشارد هاس، المستشار المخضرم لدى Centerview Partners، هذا التغيير بوضوح:
🛑 “لم يعد الحلفاء التقليديون يحصلون على معاملة خاصة لمجرد أنهم حلفاء قدامى. هذه القاعدة انتهت.”

وفي ظل هذه التحولات، تثار تساؤلات جوهرية حول مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وبريطانيا، ومدى استعداد لندن للتكيف مع المشهد الجديد الذي تفرضه أولويات إدارة ترامب.

التحديات والانعكاسات المستقبلية

رغم أن العلاقات الأمريكية-السعودية تتسم بالقوة الاقتصادية، إلا أنها تواجه تحديات أبرزها:
1️⃣ الخلاف حول قضايا دولية مثل أزمة غزة، أسعار النفط، والعلاقات مع الصين.
2️⃣ استراتيجية السعودية في الوساطة السياسية، حيث تلعب دورًا رئيسيًا في محادثات أمريكا-روسيا.
3️⃣ التوازن في العلاقات بين السعودية وأوروبا، إذ تسعى بريطانيا للحفاظ على نفوذها الإقليمي.

تُشكل العلاقات الأمريكية-السعودية نموذجًا جديدًا للتحالفات القائمة على المصالح الاقتصادية، بعيدًا عن الاعتبارات الأيديولوجية التقليدية. وبينما يسعى ترامب لتعزيز الاقتصاد الأمريكي عبر استثمارات سعودية ضخمة، فإن النفوذ السعودي داخل دائرته المقربة يثير أسئلة خطيرة حول تضارب المصالح وتأثيره على السياسات الخارجية.

وفي ظل هذا التحول، تواجه بريطانيا والدول الأوروبية معضلة إعادة تعريف دورها في ظل سياسة أمريكية تتجه بشكل متزايد نحو “أولوية الاقتصاد أولًا”. فهل يصبح التقارب الأمريكي-السعودي نموذجًا عالميًا جديدًا للعلاقات الدولية؟ أم أن المصالح المتضاربة ستؤدي إلى تصدعات في هذا التحالف غير التقليدي؟

شارك المقالFacebookXEmailWhatsAppLinkedIn
اترك تعليقاً