في اليوم العالمي للمرأة: السعودية بين وهم الإصلاحات واستمرار القمع الممنهج

في اليوم العالمي للمرأة: السعودية بين وهم الإصلاحات واستمرار القمع الممنهج

في اليوم العالمي للمرأة، تُسلَّط الأضواء على التحديات والانتهاكات التي تواجهها النساء حول العالم. وفي المملكة العربية السعودية، ورغم ما يُروَّج له من إصلاحات وتقدم في مجال حقوق المرأة، إلا أن الواقع يكشف عن انتهاكات جسيمة ومستمرة لحقوق النساء، مما يثير تساؤلات حول جدية هذه الإصلاحات ومدى تأثيرها الحقيقي.

إصلاحات سطحية تخفي واقعًا مظلمًا

على الرغم من إعلان السلطات السعودية عن بعض التغييرات، مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة، إلا أن هذه الخطوات لم تغير من الواقع القمعي. فلا تزال الناشطات الحقوقيات اللواتي ناضلن من أجل هذه الحقوق معتقلات أو ممنوعات من السفر.

منذ عام 2015، وثقت تقارير حقوقية اعتقال ما لا يقل عن 121 امرأة بسبب نشاطهن الحقوقي أو تعبيرهن عن آرائهن. من بين هذه الحالات:

سلمى الشهاب: طالبة دكتوراه حُكم عليها بالسجن 27 عامًا بسبب نشاطها على موقع تويتر.

نورة القحطاني: حُكم عليها بالسجن 45 عامًا للتهم نفسها.

إسراء الغمغام: ناشطة حقوقية طالبت النيابة العامة بإعدامها لمشاركتها في احتجاجات سلمية، قبل أن يُخفَّف الحكم إلى السجن 13 عامًا.

هذه الأحكام القاسية تُظهر تضييق السلطات على حرية التعبير واستهداف النساء اللواتي يطالبن بحقوقهن المشروعة.

وفقًا لتقرير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان لعام 2024، ما لا يقل عن 51 امرأة ما زلن في السجون السعودية، وحُكم على 8 منهن بأحكام تتراوح بين 26 و99 عامًا . كما أشارت “هيومن رايتس ووتش” إلى أن المدافعات عن حقوق المرأة، مثل لجين الهذلول ونسيمة السادة وسمر بدوي، ما زلن ممنوعات من السفر وخاضعات لأحكام بالسجن مع وقف التنفيذ، مما يسمح للسلطات بإعادتهن إلى السجن في أي وقت .

قوانين تكرس التمييز والعنف

في عام 2024، أصدرت السعودية أول قانون للأحوال الشخصية، لكنه كرس ولاية الرجل على المرأة رسميًا، وتضمن أحكامًا تُسهّل العنف الأسري والاعتداء الجنسي في الزواج . ورغم حملات الناشطات من أجل قانون ينهي التمييز ضد المرأة، إلا أن الحكومة لم تستشرهن، بل واجهن الاعتقال والاحتجاز التعسفي والتعذيب وحظر السفر.

العنف ضد المرأة: داء بلا دواء فعلي

لا يزال العنف ضد المرأة واحدًا من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا في السعودية. ورغم وجود أنظمة مثل نظام الحماية من الإيذاء ونظام مكافحة جريمة التحرش، إلا أن تطبيقها الفعلي مشكوك فيه، حيث تستمر الانتهاكات دون رادع حقيقي .

أصوات من الداخل: شهادات حية

في ظل القمع المستمر، تبرز شهادات الناشطات والضحايا لتكشف عن الواقع الحقيقي. ففي يوم المرأة العالمي 2024، أكدت 10 منظمات غير حكومية أن الانتهاكات بحق النساء تظهر نفاق السعودية، ودعت إلى إطلاق سراح جميع المدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات المعتقلات .

رهف القنون: شابة سعودية فرت من عائلتها في عام 2019 بسبب الاضطهاد والعنف الذي تعرضت له. في مقابلة مع صحيفة الإندبندنت، قالت رهف: “كنت أعيش في خوف دائم. لم أكن أستطيع التعبير عن رأيي أو اتخاذ قراراتي بنفسي. الهروب كان خياري الوحيد للنجاة”.

نفاق مستمر وحقوق مغتصبة

في الوقت الذي تحتفل فيه السعودية باليوم العالمي للمرأة، تستمر الانتهاكات الممنهجة ضد النساء، مما يكشف عن نفاق النظام السعودي الذي يسعى لتلميع صورته دوليًا بينما يقمع النساء داخليًا. إن الاعتقالات المستمرة والقوانين التمييزية والعنف المستمر تؤكد أن الإصلاحات المزعومة ليست سوى ستار يخفي الحقيقة المرة.

في هذا اليوم، يجب على المجتمع الدولي الضغط على السعودية لوقف انتهاكاتها ضد النساء، وإطلاق سراح جميع المعتقلات، وضمان حقوق المرأة بشكل فعلي وحقيقي، بعيدًا عن الدعاية الزائفة والإصلاحات السطحية.

شارك المقالFacebookXEmailWhatsAppLinkedIn
اترك تعليقاً