“تسلا تغزو السوق السعودية: استغلال أمريكي لموارد المملكة لإنقاذ إمبراطورية ماسك المتعثرة”

“تسلا تغزو السوق السعودية: استغلال أمريكي لموارد المملكة لإنقاذ إمبراطورية ماسك المتعثرة”

بينما تعيش شركة تسلا واحدة من أسوأ فتراتها التجارية منذ انطلاقتها، وفي ظل خسائر متلاحقة في الأسواق العالمية وانخفاض ثقة المستهلكين، أعلنت الشركة نيتها إطلاق عملياتها رسميًا في المملكة العربية السعودية، بدءًا من 10 أبريل المقبل.


وراء واجهة الشراكة التقنية، تقف أجندة أمريكية اقتصادية تستغل موارد المملكة، وتعيد ضخ الحياة في إمبراطورية إيلون ماسك المتهاوية، مدفوعة بتحالفات خفية مع دوائر القرار في واشنطن وتل أبيب.

من ريادة السوق إلى دوامة الانحدار

لطالما تباهت تسلا بأنها رائدة عالمية في سوق السيارات الكهربائية، لكن عام 2024 كان كاشفًا لنهاية تلك الهيمنة.

 انخفضت مبيعات الشركة بنسبة 1.1% مقارنة بالعام السابق، وهي أول مرة تشهد فيها تراجعًا منذ دخولها مرحلة الإنتاج الكثيف. أما السبب؟ فليس فنيًا أو تقنيًا، بل مزيج من المنافسة الصينية الصاعدة، خاصة من عملاق مثل BYD، وسلوكيات ماسك السياسية المستفزة التي أضرت بعلامته التجارية.

في أوروبا، القارة الأكثر حساسية تجاه قضايا البيئة وحقوق الإنسان، انهارت مبيعات تسلا في ألمانيا وفرنسا بمعدل النصف خلال عام واحد فقط حتى يناير 2025.


وفي فرانكفورت، قال إنريكو بارانو، مسؤول تنفيذي مصرفي: “السيارة ممتازة، لكن سلوك ماسك يجعلني أعيد التفكير في امتلاكها. أفكر في بيع أسهمي”. وهو تصريح بات يتكرر كثيرًا في أوساط المستثمرين الغربيين.

السوق السعودية: ملاذ استثماري أم أرض بديلة للتصريف؟

بهذا التوقيت الحرج، تهرع تسلا إلى السوق السعودية. بلد غني بالموارد، قليل في الرقابة الشعبية، ولا توجد فيه مساءلة سياسية أو إعلام حر يمكن أن يثير الأسئلة حول الشراكات الدولية.


تدخل تسلا الرياض تحت راية “رؤية 2030” التي ترفع شعار التحول الاقتصادي، لكن على أرض الواقع، تبدو السعودية كأنها تُستخدم لإنعاش شركات أمريكية تتراجع عالميًا، وتلميع صورة رجال أعمال متورطين في سياسات قمعية وعنصرية.

فهل ما يجري شراكة حقيقية، أم أن السعودية تتحول إلى ساحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مشروع ماسك؟ وما حجم الاستفادة الفعلية للمملكة؟


هل هناك نقل للتكنولوجيا؟ فرص للتصنيع المحلي؟ تدريب للكفاءات؟ أم أننا أمام سيناريو تسويق سيارات فاخرة للنخبة وتوريد أرباح بالمليارات إلى وادي السيليكون؟

الولايات المتحدة تملي… والمملكة تُموّل

بعيدًا عن الشعارات، دخول تسلا للسعودية لم يكن نابعًا من رغبة حقيقية في الشراكة، بل نتيجة ضغوط أمريكية لتوفير منفذ مالي آمن بعد فشل الأسواق الأوروبية في امتصاص منتجات الشركة.


الإدارة الأمريكية، التي تدعم تسلا علنًا، تعتمد على الأنظمة الخليجية لتمويل وتسهيل التوسع الأمريكي عالميًا، في وقت بات فيه التمويل المحلي محدودًا نتيجة تعثر الاقتصاد الأمريكي في قطاعات عدة.

وفي ظل غياب استراتيجية سعودية مستقلة للتصنيع، فإن تسلا – مثل غيرها من الكيانات الأمريكية – تدخل السوق لتحقّق أرباحًا سريعة دون الالتزام بأي استثمار طويل المدى، أو تنمية صناعية فعلية داخل المملكة.

ماسك، ترامب، ونتنياهو: تحالف مصالح يمر عبر الخليج

إيلون ماسك ليس مجرد رجل أعمال. في واشنطن وتل أبيب، هو أداة سياسية واستراتيجية يتم توظيفها لخدمة تحالفات يمينية متطرفة.


منذ تقاربه مع ترامب، ومناهضته لسياسات التنوع، وهجومه على الإعلام الليبرالي، تحول ماسك إلى بوق سياسي يخدم مصالح نخبة بيضاء تتقاطع بشدة مع أجندة إسرائيل اليمينية بقيادة نتنياهو.

نتنياهو يدرك جيدًا أن ماسك بوابته الذهبية للتأثير في البيت الأبيض. ماسك يمتلك “X”، أكبر منصة للتأثير الإعلامي، وشبكة علاقات اقتصادية ضخمة، وصوت مسموع في المجتمع المحافظ الأمريكي.
لهذا، فإن التحالف مع ماسك يفتح لإسرائيل طريقًا لتكثيف نفوذها في السياسة الأمريكية، خصوصًا قبيل الانتخابات القادمة، بينما يبقى المال الخليجي هو الوقود الصامت لتلك التحالفات.

من يدفع الثمن؟ المواطن السعودي

بينما يستقبل الإعلام الرسمي السعودي دخول تسلا بحفاوة ويصفه بـ”خطوة باتجاه المستقبل”، يتجاهل تمامًا الأسئلة الحقيقية:

  • من سيشتري هذه السيارات؟
  • ما الفائدة الفعلية للمواطن؟
  • هل سيُفتح خط إنتاج محلي؟ أم سنكتفي باستيراد المنتجات الجاهزة؟
  • كم عدد الوظائف التي ستُخلق للسعوديين؟
  • من يُحاسب تسلا لو تخلت عن التزاماتها؟


ما يجري حتى الآن مجرد صفقة علاقات عامة، تُضخّم إعلاميًا لتلميع فشل اقتصادي داخل وخارج المملكة، بينما المواطن يدفع الثمن من دخله وضرائبه ومستقبله.

تسلا على رمال الصحراء.. ومملكة تُستغل بلا مقابل

في الوقت الذي تنهار فيه مبيعات تسلا في الأسواق الغربية، تُفتح لها الأبواب على مصراعيها في المملكة بلا شروط ولا مساءلة.


تُستخدم السعودية اليوم كمنفذ خلفي لإنقاذ مشروع اقتصادي متعثر، وملياردير يُستغل سياسيًا في واشنطن وتل أبيب.

هذه ليست شراكة. بل استغلال ممنهج، وغفلة سياسية خطيرة.


إذا لم تتحرك المملكة لوضع شروط واضحة، ونقل فعلي للتكنولوجيا والمعرفة، فإن مشروع تسلا سيكون مجرد واجهة جديدة لنهب المال السعودي باسم “التحول”، في حين يبقى القرار في يد واشنطن، والمكسب في جيب ماسك.

شارك المقالFacebookXEmailWhatsAppLinkedIn
اترك تعليقاً