تاسي يترنح تحت سطوة الفشل: أرامكو والراجحي يسقطان في مشهد اقتصادي مقلق

تاسي يترنح تحت سطوة الفشل: أرامكو والراجحي يسقطان في مشهد اقتصادي مقلق

في مشهد يعكس عمق الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالمملكة رغم كل مظاهر البذخ والترويج الإعلامي الزائف، انهار مؤشر السوق السعودية “تاسي” بفقدان صادم بلغ 680 نقطة دفعة واحدة. وبينما تتهاوى أسهم أرامكو والراجحي بنحو 5%، يقف الاقتصاد السعودي أمام تساؤل صارخ: ماذا تبقّى من الثقة في سوق لا تحكمه الشفافية بل القرارات الفردية والمقامرات الاستثمارية الخطرة؟

التراجع لم يكن مجرد تصحيح مؤقت، بل انعكاس واضح للفشل في إدارة الموارد، والإفراط في الاعتماد على النفط وسط سياسات خارجية وداخلية متخبطة، أبرزها الرسوم الجمركية الأمريكية التي فاقمت الوضع، وغياب التنويع الحقيقي رغم وعود “رؤية 2030”.

تفاصيل الانهيار: أرقام تُجرد الشعارات من معناها

سجّل المؤشر العام للسوق السعودية “تاسي” تراجعًا بنسبة 5.7%، مغلقًا عند 11,203 نقطة. هذه الخسارة جاءت وسط ضغوط حادة على أسهم كبرى الشركات:

  • أرامكو: تراجع السهم بنسبة 5.48% ليغلق عند 24.86 ريال، مع تداولات بلغت 9.2 مليون سهم. ويُعد هذا التراجع الأكبر منذ الإدراج، مما ينسف الدعاية الرسمية عن “أضخم اكتتاب في التاريخ”.

  • مصرف الراجحي: انخفض السهم بنسبة 4.7% ليصل إلى 96.2 ريال، مع تداولات ضخمة تجاوزت 3 ملايين سهم.

  • كما انضمت أسهم “سابك”، “أكوا باور”، “إس تي سي”، بنك الرياض، ومصرف الإنماء إلى موجة الانهيار بتراجعات تراوحت بين 4% و8%.

عوامل الانهيار: مزيج من الداخل المترنح والخارج العدائي

1. رسوم ترامب الجمركية:

فرض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب رسومًا جديدة على واردات رئيسية، بينها منتجات صناعية سعودية، وهو ما زاد الضغط على الاقتصاد ورفع حالة القلق بين المستثمرين بشأن مستقبل التجارة الخارجية للمملكة.

2. تدهور أسعار النفط:

انخفاض أسعار خام برنت إلى أدنى مستوى منذ 2021 بفعل زيادة إنتاج “أوبك+” وتراجع الطلب العالمي، أدى إلى تقليص أرباح أرامكو والشركات المرتبطة بها، مما انعكس على السوق فورًا.

3. سوء الإدارة والتخبط المؤسسي:

القرارات الاقتصادية تُتخذ من الأعلى دون أي حوار مجتمعي أو برلماني، وصندوق الاستثمارات العامة يضخ المليارات في مشاريع ترفيهية ورياضية على حساب تحفيز السوق المحلي الحقيقي.

 أثر الانهيار: الاقتصاد يهتز… والمواطن يدفع الثمن

  • ثقة المستثمرين تهتز: هذا الانهيار سيوجه ضربة موجعة للثقة في السوق، مما قد يُنفر الاستثمارات الأجنبية التي تعتمد على استقرار البيئة الاقتصادية.

  • تأثير مباشر على الصناديق التقاعدية: ملايين السعوديين الذين يساهمون في صناديق التقاعد أو التأمينات معرضون لخسائر مباشرة بسبب تراجع أصول الشركات المدرجة.

  • تعطيل مشاريع رؤية 2030: المشاريع العملاقة التي تعتمد على جذب الاستثمارات والأسواق الرأسمالية ستتأثر سلبًا بتدهور سمعة السوق.

السوق ليس معزولًا عن سياسة الدولة

حين يُدار الاقتصاد بعقلية فردية، وتُهدر الأموال على فعاليات غولف، وحفلات، ومصارعة، من الطبيعي أن تُهمل القطاعات الإنتاجية الحيوية، ويتحول السوق إلى فقاعة تنتظر لحظة الانفجار.

المشكلة لم تعد مرتبطة بالسوق وحده، بل بنهج سياسي واقتصادي كامل يتعامل مع المال العام وكأنه ملك شخصي. والنتيجة: سوق أسهم يتهاوى، اقتصاد يتراجع، ومواطن يُطالب بالصبر، بينما أموال بلاده تُغسل في مغامرات لا جدوى منها.

“السوق ينزف… والشفافية غائبة”

ما جرى في “تاسي” ليس أزمة مؤقتة، بل ناقوس خطر يُقرع في وجه من يروّج بأن الاقتصاد السعودي في أمان. الأسواق لا تُدار بالدعاية، ولا تُرمم بالوعود الفضفاضة. المطلوب هو إصلاح جذري في السياسات الاقتصادية، فصل المال عن الحاشية، وإعادة الاعتبار للكفاءة، لا الولاء.

إن لم يتم تدارك الوضع الآن، فالسوق سينهار أكثر، والمواطن سيكتشف متأخرًا أن كل ما قيل له عن “النهضة القادمة” كان مجرد وهم تسويقي لا أساس له من الواقع.

شارك المقالFacebookXEmailWhatsAppLinkedIn
اترك تعليقاً