“خط الهند–الشرق الأوسط–أوروبا”.. بوابة جديدة لتطبيع اقتصادي بين السعودية والاحتلال الإسرائيلي

“خط الهند–الشرق الأوسط–أوروبا”.. بوابة جديدة لتطبيع اقتصادي بين السعودية والاحتلال الإسرائيلي

في ظل تسارع التحولات الإقليمية، يُنظر إلى مشروع “خط الهند–الشرق الأوسط–أوروبا” (IMEC) الذي أُعلن عنه في سبتمبر 2023، باعتباره أحد أبرز المسارات الاقتصادية التي تمهّد الطريق لتعاون غير مباشر بين السعودية والاحتلال الإسرائيلي، رغم غياب العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين الطرفين.

المشروع، الذي يربط بين أسواق الهند وأوروبا مرورًا بالسعودية والإمارات، يتضمن شبكة متكاملة من خطوط الأنابيب والسكك الحديدية والموانئ، وقد رُوّج له كجزء من الجهود الأمريكية لاحتواء النفوذ الصيني وتوسيع محور التطبيع الإقليمي بقيادة واشنطن.

تطبيع عبر خطوط النفط

ورغم الطابع الاقتصادي الظاهري للمشروع، فإنه يحمل أبعادًا سياسية واضحة باتجاه تعميق التنسيق السعودي–الإسرائيلي، لا سيما في مجالي الطاقة والنقل. فقد دعا الجنرال الإسرائيلي المتقاعد “أمير أفيفي” إلى ربط خط أنابيب “إيلات–عسقلان” (EAPC) الإسرائيلي بخط الأنابيب السعودي “بترولاين”، عبر البحر الأحمر، بما يسمح بتجاوز قناة السويس وتنويع طرق تصدير النفط.

ويؤكد مراقبون أن هذا الربط يمثل خطوة تمهيدية لتطبيع اقتصادي فعلي، عبر التعاون في تصدير الطاقة من الخليج إلى أوروبا، باستخدام البنية التحتية الإسرائيلية، وتحقيق فائدة استراتيجية للطرفين.

من اتفاقيات أبراهام إلى IMEC

لا يُعد هذا المشروع حديثًا من حيث الفكرة؛ إذ أنه من بنود اتفاقيات أبراهام التي مهّدت لتعاون اقتصادي إقليمي يربط الخليج بإسرائيل، ومنها إلى البحر المتوسط وأوروبا. وتشير وثائق سابقة منذ 2020 إلى مقترحات لربط مصفاة ينبع السعودية بمحطة النفط في إيلات المحتلة عبر خطوط برية أو ناقلات بحرية.

وكانت الإمارات أول من فتح الباب لتطبيق هذا المخطط، من خلال توقيعها مذكرة تفاهم مع الاحتلال الإسرائيلي لنقل النفط عبر البحر الأحمر إلى ميناء عسقلان، باستخدام خط EAPC، ومن ثم إلى الأسواق الأوروبية.

وتكشف تقارير إسرائيلية أن السيناريو المستقبلي يتضمن ربط خطوط الأنابيب الإماراتية “الشيبة–بقيق” بخط “بترولاين” السعودي، مع إمكانية انضمام قطر لنقل غازها عبر نفس المسار، وصولًا إلى عسقلان.

بن سلمان ورؤية 2030.. التطبيع كأداة اقتصادية

يرى مراقبون أن رؤية محمد بن سلمان 2030 تشكّل دافعًا رئيسيًا وراء هذه الشراكات، إذ يراهن ولي العهد على التحالفات الاقتصادية الإقليمية لتعزيز مكانة السعودية كمركز لوجستي عالمي.

وتشير مواقف داعمين للتطبيع مثل السيناتور الأمريكي الصهيوني “ليندسي غراهام” إلى أن القضاء على حركة حماس يُعد شرطًا سياسيًا لتمرير مسار التطبيع، بما يتيح لاحقًا تنفيذ مشروعات الربط بين السعودية والاحتلال، التي قد تنتهي عند ميناء عسقلان شمال غزة، في منطقة لها دلالات رمزية وجيوسياسية حساسة.

مشروع IMEC ليس مجرد مبادرة نقل عابرة، بل أداة استراتيجية لإعادة تشكيل خرائط التحالفات في المنطقة، عبر تفعيل مسارات اقتصادية تخدم تطبيعًا تدريجيًا بين السعودية والاحتلال الإسرائيلي، تحت غطاء التعاون اللوجستي والطاقة، ما يُنذر بتحولات أعمق في خريطة الشرق الأوسط السياسي.

شارك المقالFacebookXEmailWhatsAppLinkedIn
اترك تعليقاً