لم تكن تسريبات الصحف العبرية عن إسناد مهمة الأمن السيبراني لمدينة نيوم السعودية الناشئة إلى شركات أمن رقمي إسرائيلية آخر فضائح التطبيع الخلفي بين المملكة العربية السعودية والكيان الصهيوني، فقد انتقلت التسريبات هذه الآونة إلى ألسنة محللين سياسيين عرب، بينهم سعوديون، كشفوا بعضا من جوانب هذا التنسيق البغيض.
المحلل في العلاقات السعودية الإسرائيلية، عزيز الغشيان، كشف عن أن مدينة نيوم، المزمع بناؤها على ساحل البحر الأحمر بتكلفة 500 مليار دولار، تعتبر الساحة الجديدة التي قد يتعاون فيها الاحتلال الإسرائيلي مع المملكة. وأضاف: “بشكل عام، تتجه السعودية نحو تحويل اقتصادها وجعله قائمًا على التكنولوجيا أكثر منه قائمًا على النفط، ويمكن لإسرائيل المساعدة في ذلك”.
وتابع “ما تشير إليه نيوم هو أن الحافز للسعودية وإسرائيل للتعاون بشكل علني يتزايد. كما يشير إلى أنه إذا كانت هناك علاقات طيبة بين السعودية وإسرائيل أو علاقات مفتوحة من نوع ما، فسيكون ذلك بدافع من الازدهار السعودي بدلاً من مواجهة إيران”.
أما يوئيل غوزانسكي، الباحث البارز في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي، قفال إنه بينما لا تزال العديد من الصفقات سرية، فإن العلاقات الآن علنية أكثر من ذي قبل. وأوضح: “إسرائيل تحصل على الشرعية. إسرائيل الآن في الخليج. ليس من الضروري أن تختبئ كما كانت في السابق”.

وأشار إلى أن الخلاف بين بايدن ومحمد بن سلمان بسبب مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، وبشكل عام بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة وكذلك الإمارات ومصر، يعمل في الواقع على تعزيز العلاقات مع إسرائيل.
قائمة المحتوى
تطبيع غير معلن
وكشفت تقرير لمجلة فورين بوليسي أن إسرائيل تسعى إلى أن تكون القوة الناعمة الجديدة في المنطقة العربية، من خلال تحقيق التعاون مع دول الخليج في مختلف المجالات، لا سيما مدينة نيوم السعودية الساحلية التي أكد التقرير أن التعاون بين الإسرائيليين واالسعوديين فيها سيكون غير مسبوق لكن سيتم ذلك خلف الأبواب المغلقة.
وقال شموئيل بار، ضابط المخابرات الإسرائيلي السابق، أنه فوجئ عندما تلقى مكالمة عبر تطبيق واتساب من السعودية. وقال “لقد كان الأمر مفاجئًا تماما. وأيضًا تأكيد على التقدم التدريجي الذي حققته إسرائيل في بناء علاقات مع دول الخليج المعادية تاريخيا”. وقال بار إن التعاقد مع شركته كان مجرد مثال واحد على التغيير الهائل في علاقات إسرائيل مع دول الخليج على مدى السنوات القليلة الماضية.
عمل بار في المخابرات الإسرائيلية لمدة 30 عامًا، ثم أسس فيما بعد شركة “IntuView”، وهي شركة تبحث عبر محتوى وسائل التواصل الاجتماعي بحثًا عن التهديدات الإرهابية. كانت وكالات الاستخبارات وهيئات إنفاذ القانون في أوروبا والولايات المتحدة والهند من بين عملائه. الآن، كان السعوديون مهتمين بتوظيف خبير البيانات الإسرائيلي للمساعدة في سياسات مكافحة الإرهاب وأكثر من ذلك.
وأشارت المجلة إلى أنه بينما يتحدث الرئيس الأميركي جو بايدن، عن العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، تعمل إسرائيل على تعزيز تحالف لم يكن من الممكن تصوره مع شركائها العرب من خلال التعاون الاستراتيجي والتكنولوجي والتجاري. ويقول المحللون إن العديد من دول الخليج، أو على الأقل شرائح كبيرة من سكانها، لا ترغب في أن تظل رهينة القضية الفلسطينية بعد الآن وترى العلاقات مع إسرائيل ضرورية لتنويع اقتصاداتها.
تحالف جديد
في الشهر الماضي فقط، دعت إسرائيل إلى تشكيل تحالف دفاعي مع السعودية والإمارات والبحرين ضد إيران. ووقعت اتفاقيات مختلفة مع الإمارات، ثاني أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط بعد السعودية، في السياحة والصحة والزراعة وقطاع المياه. وفقًا لتقدير أولي، من المتوقع أن تزداد التجارة الثنائية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة من 300 ألف دولار إلى 500 مليون دولار سنويًا.
كما وافقت إسرائيل أيضًا على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع مصر. في أواخر الشهر الماضي، في زيارة نادرة، زار وزير مصري رفيع القدس، على الرغم من وضعها المتنازع عليه، ووقع اتفاقية تربط حقل ليفياثان للغاز الطبيعي في البحر المتوسط بمنشآت الغاز الطبيعي المسال المصرية عبر خط أنابيب تحت الماء لتصدير الغاز إلى الدول الأوروبية.
ولفتت المجلة إلى أن اسرائيل تحاول ايضا تلطيف مواقف الدول المعادية لها. فقد اشترت لقاح فيروس كورونا الروسي، لسوريا، بموجب اتفاقية تبادل الأسرى مع سوريا ظاهريا. وبحسب التقرير، تعمل إسرائيل على تعزيز التعاون الاستراتيجي من خلال إنشاء مجموعات ضغط ذات مصلحة راسخة في العلاقة من خلال علاقات تجارية جيدة.
وأوضحت أن إسرائيل مستعدة للتعاون في مختلف المجالات حتى التي تكون الشركات الأميركية قلقة من التعاون فيها، بسبب سجل حقوق الإنسان في الخليج، على سبيل المثال، مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي. حيث تأمل إسرائيل أنه بدلاً من أن يُنظر إليها على أنها “أمة حرب”، كما كان الحال، يمكنها إثبات قيمتها كحليف وليس فقط ضد إيران.
اقرأ أيضًا: نيوم السعودية.. أقرب مدينة إسرائيلية إلى مكة