بينما تواصل الأنظمة الخليجية، وعلى رأسها النظام السعودي، الترويج لأساطير “النمو الاقتصادي” و”التحول التنموي”، تأتي صفعة جديدة من صندوق النقد الدولي، الذي خفّض توقعاته لنمو اقتصادات الخليج بشكل حاد لعام 2024 وما بعدها.
هذه المراجعة ليست مجرد تعديل تقني في الأرقام، بل فضيحة سياسية واقتصادية مدوية تكشف زيف الدعاية الرسمية، وتؤكد أن خطط الرؤية الوهمية، من “رؤية 2030” السعودية إلى غيرها، لم تفعل شيئًا سوى تعميق الاعتماد على النفط وتضخيم الفجوة بين الخطاب الإعلامي والواقع الاقتصادي المأزوم.
قائمة المحتوى
صدمة الصندوق: النمو إلى تراجع حاد
التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي حمل أخبارًا قاتمة لاقتصادات الخليج:
- معدلات النمو تم خفضها إلى مستويات متدنية مقارنة بالتوقعات السابقة.
- السعودية، التي كانت تتفاخر بتحقيق “أعلى معدلات نمو عالمي”، تواجه اليوم تراجعًا حادًا في نمو الناتج المحلي.
الأسباب واضحة لكل من يريد أن يرى الحقيقة:
- انهيار أسعار النفط أو تقلبها بشكل حاد.
- ضعف أداء القطاعات غير النفطية.
- ديون متزايدة نتيجة مشاريع ترفيهية واستعراضية بلا جدوى اقتصادية.
- فشل الإصلاحات الهيكلية رغم وعود لا تتوقف عن “التنويع الاقتصادي”.
السعودية: من أعلى النمو إلى أعلى الخيبة
النظام السعودي بذل مجهودًا دعائيًا ضخمًا خلال السنوات الماضية لتصوير نفسه كقوة اقتصادية صاعدة. تصريحات محمد بن سلمان كانت مليئة بالوعود الوردية:
- مشاريع عملاقة مثل نيوم وذا لاين.
- خطط لخفض الاعتماد على النفط.
- تحفيز الاستثمارات الأجنبية.
لكن الحقيقة أن كل هذه الوعود انهارت أمام أول اختبار جدي:
- الإيرادات غير النفطية أقل بكثير مما أعلن.
- المشاريع العملاقة متعثرة، وبعضها أُجِّل أو جُمِّد.
- المستثمرون الأجانب لا يثقون في بيئة قانونية وسياسية قمعية ومضطربة.
خفض صندوق النقد لتوقعات النمو السعودي دليل صارخ على أن “رؤية 2030” ليست أكثر من وهم كبير يُسوَّق داخليًا وخارجيًا لإنقاذ شرعية سياسية متآكلة.
النفط لا يزال سيد الاقتصاد رغم كل الأكاذيب
كل الحديث عن “اقتصاد ما بعد النفط” ثبت أنه محض هراء.
- أكثر من 70% من ميزانيات دول الخليج لا تزال معتمدة على عائدات النفط والغاز.
- أي انخفاض في أسعار النفط يؤدي إلى عجز مالي فوري واضطرار للاقتراض أو السحب من الاحتياطيات.
- الاستثمارات الضخمة في الترفيه والرياضة والسياحة لم تُنتج اقتصادًا حقيقيًا، بل زادت من النزيف المالي.
الأنظمة الخليجية لم تتعلم الدرس: لا يمكنك بناء اقتصاد حقيقي عبر المهرجانات والحفلات الغنائية وصفقات شراء الأندية الرياضية، بينما تترك التعليم والصناعة والزراعة تنهار.
صندوق النقد يكشف الوجه الحقيقي للأنظمة الخليجية
خفض التوقعات لم يأتِ من فراغ:
- تحذيرات من تباطؤ النمو العالمي وتأثيره على الطلب النفطي.
- ضعف الاستثمارات الإنتاجية المحلية.
- تفاقم البطالة بين الشباب.
- تدهور القوة الشرائية بفعل الضرائب الجديدة ورفع الأسعار.
النظام السعودي، بدلاً من أن يعترف بفشل سياساته، يواصل الغرق في مشروعات علاقات عامة، مراهناً على استضافة أحداث رياضية عالمية أو تنظيم المؤتمرات الاقتصادية الفاخرة، كأن هذه المظاهر الفارغة يمكنها أن تخفي الواقع الاقتصادي البائس.
غطرسة بن سلمان تدفع المملكة إلى حافة الخطر
ولي العهد محمد بن سلمان يواصل سياسات مالية واقتصادية كارثية:
- السحب من الاحتياطيات السيادية بوتيرة متسارعة.
- الاقتراض الداخلي والخارجي دون خطط واضحة للسداد.
- الاعتماد المفرط على صندوق الاستثمارات العامة لتمويل مشاريعه الخاصة، مما يهدد السيولة المالية للدولة بأكملها.
خفض صندوق النقد لتوقعات النمو ليس نهاية القصة، بل جرس إنذار مبكر لانهيار قادم إذا استمرت هذه السياسات الرعناء.
نهاية أوهام الخليج.. والواقع يقترب كالإعصار
خفض توقعات صندوق النقد الدولي ينزع ورقة التوت الأخيرة عن الأنظمة الخليجية، التي فشلت في بناء اقتصادات حقيقية رغم الفوائض النفطية الهائلة لعقود.
الخيارات أمام هذه الأنظمة تضيق يومًا بعد يوم:
إما إصلاح حقيقي يعترف بالأخطاء ويعيد بناء الاقتصاد من القاعدة.
أو الاستمرار في خداع الذات حتى تسقط المنظومة بأكملها تحت ضغط الأزمات المتلاحقة.
والسؤال الذي تطرحه الأرقام بوضوح: كم مؤتمرًا اقتصاديًا إضافيًا يحتاج النظام السعودي لعقده كي يغطي على فشله، قبل أن يدرك أن الشعب لا يأكل التصريحات؟