أحلام النظام السعودي ببناء اقتصاد مستدام تنهار اليوم تحت وطأة الواقع الذي لا يمكن تزويره. بدل أن تقود “رؤية 2030” المملكة نحو اقتصاد متنوع بعيد عن النفط، باتت الرياض تتخبط في أزمات مالية متواصلة، تدفعها إلى إعادة تسمية الرؤية الفاشلة إلى “رؤية 2034″، في محاولة يائسة لتأجيل إعلان الفشل.
تحقيق مجلة “ذا نيو ريببلك” فضح المستور: لم تعد السعودية قادرة حتى على التظاهر بالاستدامة الاقتصادية أو البيئية، فلجأت إلى آخر أسلحتها الدعائية — “غسيل السمعة الرياضي”، عبر استضافة كأس العالم، لتمويه عجزها البنيوي وترويج صورة مزيّفة عن التقدم.
قائمة المحتوى
“فشل اقتصادي يتم تغليفه بشعارات براقة”
الرهان الذي وضعه محمد بن سلمان على “تنويع الاقتصاد” لم يكن أكثر من سراب.
القطاع النفطي لا يزال العمود الفقري للاقتصاد السعودي، وأي تقلب في أسعار النفط يهز كامل البنية الاقتصادية.
المشاريع العملاقة مثل “نيوم” و”ذا لاين” تواجه مشاكل تمويلية وتأجيلات خفية، رغم الإنفاق المهول على حملات الدعاية لها.
الاستثمارات الأجنبية التي كانت الرؤية تعد بجذبها تباطأت، بسبب المخاوف الحقوقية وعدم استقرار السياسات الاقتصادية.
أين التنويع إذًا؟ أين القطاعات الواعدة التي ستنقذ الاقتصاد من لعنة النفط؟ لا شيء سوى تصريحات فضفاضة، ومشاريع تسويقية ضخمة تغطي على غياب أي نتائج حقيقية.
“من غسيل بيئي إلى غسيل رياضي: الهروب إلى الأمام”
مصطلح “الغسيل البيئي” (Greenwashing) لم يعد كافيًا لوصف حالة النظام السعودي؛ إذ انتقل الآن إلى مرحلة جديدة: “غسيل السمعة الرياضي” (Sportswashing).
النظام يحاول استبدال صورته الملطخة بالدم والقمع بسردية جديدة تقوم على “الانفتاح” و”استضافة الأحداث الكبرى”.
الاستحواذ على الأندية الرياضية، تنظيم بطولات الغولف، والآن السعي لاستضافة كأس العالم، ليست مشاريع تنموية، بل أدوات علاقات عامة بامتياز.
الغرض الحقيقي بسيط: التعتيم على الانتهاكات اليومية داخل المملكة، وتلميع صورة نظام يزداد استبدادًا وفشلًا.
“كأس العالم.. رشوة جماهيرية لعشر سنوات أخرى من القمع”
استضافة كأس العالم 2034 ليست هدفًا رياضيًا، بل عملية سياسية مدروسة لتثبيت سلطة بن سلمان داخليًا، وإلهاء الشعب بالاحتفالات والمهرجانات عن الأزمة الاقتصادية والقمع السياسي.
تأجيل فشل رؤية 2030 عبر ربطها بـ”رؤية 2034″ يكشف حقيقة صادمة: النظام لا يخطط لتنمية حقيقية، بل يخطط لشراء الوقت عبر ألعاب نارية ضخمة وشعارات زائفة.
لكن مهما حاولوا، فإن كأس العالم لن يمحو الواقع فالحريات منهارة والبطالة مستمرة والاقتصاد هش والاعتماد على النفط مستمر أكثر من أي وقت مضى.
“واقع مرير خلف الدعاية المصقولة”
الإعلام السعودي يروج يوميًا للإنجازات الوهمية: توقيع صفقات، إقامة منتديات، وادعاء نمو اقتصادي مستدام. لكن الحقيقة خلف الكواليس مختلفة تمامًا:
- معدل البطالة بين الشباب لا يزال مرتفعًا رغم كل برامج “الإصلاح”.
- الفجوة بين الطبقات تتسع مع كل مشروع استعراضي جديد.
- المديونية السيادية ترتفع بوتيرة مقلقة، مع اعتماد متزايد على الاقتراض الخارجي.
- الاستثمارات الخارجية تهرب تباعًا من بيئة سياسية وقضائية لا تحتمل الشفافية أو المساءلة.
ما يحدث الآن هو احتضار اقتصادي مغلف بأغلفة فاخرة، فارغة من أي مضمون حقيقي.
“رؤية 2034: المشروع الذي كشف الإفلاس السياسي والأخلاقي”
تغيير موعد الرؤية لا يعني تحديثها، بل يعني الاعتراف الضمني بالفشل، ومحاولة شراء عشر سنوات إضافية من الزمن.
- بدل المراجعة الجادة للأخطاء، يواصل النظام الهروب للأمام.
- بدل الاعتراف بسوء التخطيط، يضاعف الإنفاق على البهرجة الإعلامية.
- بدل الإصلاح السياسي والاقتصادي، يعزز القمع والاستبداد.
كل ذلك تحت شعار خادع جديد: “2034”، وكأن مجرد استضافة حدث رياضي يمكنه أن يغسل دماء القمع وفشل السياسات.
2034.. عام الكأس أم عام الإفلاس؟
لا حفلة كأس العالم، ولا شراء الأندية الأوروبية، ولا مهرجانات الترفيه، يمكن أن تغطي على الفشل الاقتصادي والسياسي العميق الذي تغرق فيه المملكة تحت نظام بن سلمان.
“رؤية 2034” ليست أكثر من قناع رخيص لوجه مكشوف: اقتصاد مرتهن للنفط، مجتمع مقموع، وثروات مهدرة في مشاريع استعراضية عقيمة.
والسؤال الذي سيُطرح عاجلًا أم آجلًا: عندما ينتهي المونديال، بأي كأس سيواجه النظام شعبه؟ بكأس الإنجاز، أم بكأس الإفلاس والانفجار الشعبي؟